" يخفض القسط ويرفعه ": ينقص النصيب باعتبار ما كان يمنحه قبل ذلك, ويزيد بالنظر إليه
بمقتضى قدره الذي هو تفصيل لقضائه الأول.
وقيل: القسط: هو الميزان, لما روى أبو هريرة:" يخفض الميزان ويرفعه ", سمي بذلك لأنه
تحصل به المعدلة في القسمة, وخفضه ورفعه كنايتان عن التوسيع والتقتير.
" يرفع إليه عمل الليل ",أي: إلى خزائنه, كما يقال: حمل المال إلى الملك, فيضبط إلى يوم
الجزاء, أو يعرض عليه وإن كان أعلم به, ليأمر ملائكته إمضاء ما قضى لفاعله جزاء له على
فعله. " قبل عمل النهار " أي: قبل أن يؤتى بعمل النهار, وهو بيان لمسارعة الكرام الكتبة
إلى رفع الأعمال, وسرعة عروجهم إلى ما فوق السماوات, وعرضهم على الله تعالى, فإن
الفاصل بين الليل والنهار أن لا يتحرى هو آخر الليل وأول النهار, وقيل: قبل أن يرفع إليه
عمل النهار, والأول أبلغ.
" حجابه النور " أي: تحيرت البصائر والأنظار, وأبيحت طرق الأفكار دون أنوار عظمته
وكبريائه وأشعة عزه وسلطانه, فهي كالحجب التي تحول بين العقول البشرية وما وراءها, لو كشفت فتجلى ما وراءها لأحرقت عظمة جلال ذاته وأفنت ما انتهى إليه بصره من خلقه,
لعدم إطاقته, وهو بعد في الدار الدنيا منغمس في الشهوات, متآلف