الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبناءً على هذا الفهم الفاسد كفَّرتْ إحداهما الأخرى.
فالمهم: أن بعض أهل الإصلاح في البلاد التي ليست مما قوي فيها الإسلام يبدع ويفسق بعضهم بعضاً، ولو أنهم اتفقوا وإذا اختلفوا اتسعت صدورهم في الخلاف الذي يسوغ فيه الخلاف وكانوا يداً واحدة، لصلحت الأمة، ولكن إذا رأت الأمة أن أهل الصلاح والاستقامة بينهم هذا الحقد والخلاف في مسائل الدين، فستضرب صفحاً عنهم وعما عندهم من خير وهدى، بل يمكن أن يحدث ركوس ونكوس وهذا ماحدث والعياذ بالله، فترى الشاب يدخل في الاستقامة على أنَّ الدين خيرٌ وهدى وانشراح صدر وقلب مطمئن ثم يَرى مايرى من المستقيمين من خلاف حاد وشحناء وبغضاء فيترك الاستقامة؛ لأنه ماوجد ماطلبه، والحاصل أن الهجرة من بلاد الكفر ليست كالهجرة من بلاد الفسق، فيقال للإنسان: اصبر واحتسب ولاسيما إن كنت مُصلحاً، بل قد يقال: إن الهجرة في حقك حرام (١).
(١) «شرح الأربعين النووية» للعثيمين (ص ١١، و ١٦ وما بعدها).