للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى الْنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الإِنْسَانِ الْعَمْلَ بِالْتَّوْحِيْدِ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ عَدَاوَةَ المُشْرِكِيْنَ، فَمَا كَانَ ذَرِيْعَةً وَسَبَبَاً إِلَى إِسْقَاطِ ذَلِكَ؛ لَمْ يَجُزْ. وَأَيْضَاً فَقَدْ يَجُرُّ ذَلِكَ إِلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَإِرْضَائِهِمْ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ لِكَثِيْرٍ مِمَّنْ يُسَافِرُ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ مِنْ فُسَّاقِ المُسْلِمِيْنَ ـ نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ ـ. تَمَّ الجَوَابُ (١).

ثُمَّ قَالَ فِيْ الْثَّانِيَةِ: الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الَّتِيِ قَبْلَهَا سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ فِيْ ذَلِكَ بَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ وَالْصُّلْحِ، فَكُلُّ بَلَدٍ لَا يَقْدِرُ المُسْلِمُ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ فِيْهَا؛ لَا يَجُوْزُ لَهُ الْسَّفَرُ إِلَيْهَا). انْتَهَى كَلَامُهُ - رحمه الله - تَعَالَى.

وَأَمَّا الخَوَارِجُ فَلَيْسُوْا كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ المُبْتَدِعَةِ الْضَّالَّةِ، لَهُمْ مَقَالَةٌ مَخْصُوْصَةٌ، كَالْتَّكْفِيْرِ بِالْكَبِيْرَةِ؛ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ مِنْ شِرَارِ خَلْقِ اللهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْمَدُوْنَ إِلَى الآيَاتِ الَّتِيْ نَزَلَتْ فِيْ الْكُفَّارِ فَيَجْعَلُوْنَهَا عَلَى المُؤْمِنِيْنَ.

فَقَالَ بِذَلِكَ الأَزَارِقَةُ أَصْحَابُ نَافِعِ بْنِ أَزْرَقَ، قَالُوْا: كَفَرَ عَلِيٌّ بِالْتَّحْكِيْمِ، وَابْنُ مُلْجِمٍ مُحِقٌ. وَكَفَّرَتِ الْصَّحَابَةَ - رضي الله عنهم - وَقَضَوْا بِتَخْلِيْدِهِمْ فِيْ الْنَّارِ.

وَأَمْرُ الخَوَارِجِ مَشْهُوْرٌ، خَرَجُوْا عَلَى عَلِيٍّ، حَيْثُ اعْتَقَدُوْا أَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ؛ لِرِضَاهُ بِقَتْلِهِ، وَمُوَاطَأَتَهُ إِيَّاهُمْ.


(١) نهاية الورقة [١٦] من المخطوط.

<<  <   >  >>