ذكر الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - مسألةَ الهجرة ... وأنَّ أهل العلم متفقون على الوجوب إذا عجز عن إظهار دينه، واستحبابها إذا كان قادراً على ذلك، وليس لأحد خروج عما قالوا، واستدلوا عليه وعلَّلُوه.
ثم قال: يبقى علينا: ماهو إظهار الدين؟ وما هو الدين؟
فالإظهار ضدُّ الإخفاء، فالمظهرُ لدينه هو الذي يتمكن من إعلانه، ولا يُضطهد على ذلك، ولايخفيه، والعاجز عن الإظهار هو الذي لايقدر على إظهار إيمانه وتوحيده، وعقائد دينه، وشرائعه، والدين لايحدُّ ولا يُفسَّر بتفسير أحسن ولا أوضح من تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أجمع فإنه فسره بمجموع عقائد الدين، وشرائعه وحقائقه، حيث بين أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرِّهِ، والإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وقال في آخره: هذا جبريل أتاكم يُعلِّمُكم أَمْرَ دِينِكم، أو دينَكُم. رواه البخاري، وغيره.
فجعل ذلك كلَّه هو الدين، فمتى قَدِر الإنسان على إظهار هذه الأمور وعدَمِ إخفاء شيء منها، فهو المظهر لدينه، ومتى عجز عن إظهارها