للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قَوْلُهُ: (هُوَ أَنَّ أَصْحَابَ الرَّسُوْلِ، وَالْرَّسُوْلَ يُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ، بَلْ مِنْ حِيْنِ قَدِمَ الْرَّسُوْلُ المَدِيْنَةَ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى زَمَنِ الخُلَفَاءِ الْرَّاشِدِيْنَ، يُسَافِرُوْنَ إِلَى بُلْدَانِ المُشْرِكِيْنَ، وَلَمْ يَكُوْنُوْا يُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ، مِثْلَ مُسَافِرَتِ أَهْلِ زَمَانِنِا عْقِيْل) (١).

أَقُوْلُ: قَالَ الحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ: [فَلَمَّا اسْتَقَرَّ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالمَدِيْنَةِ، أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ، وَبِعِبَادِهِ المُؤْمِنِيْنَ (٢)، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوْبِهِمْ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ الَّذِيْ كَانَ بَيْنَهُمْ فِيْ الجَاهِلِيَّةِ، فَمَنَعَتْهُ أَنْصَارُ اللهِ وَكَتِيْبَةُ الإِسْلَامِ مِنَ الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ، وَبَذَلُوْا نُفُوْسَهُمْ دُوْنَهُ، وَقَدَّمُوْا مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّةِ الأَبَاءِ وَالأَبْنَاءِ (٣)، حَتَّى قَوِيَةِ الْشَّوْكَةُ، وَاشْتَدَّ الجَنَاحُ؛ أَذِنَ لَهُمْ حِيْنَئِذٍ فِيْ الْقِتَالِ (٤)، فَعَقَدَ لَهُمْ الْرَّايَةَ، فَتَحَزَّبَ حِزْبُ اللهِ، فَدَعَوْا إِلَى اللهِ الْصَّغِيْرَ وَالْكَبِيْرَ، وَالحُرَّ وَالْعَبْدَ، وَالْذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَالأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ،


(١) نهاية الورقة [٨] من المخطوط، وعن عقيل (العقيلات) انظر ما سبق (ص ١٦١).
(٢) في «الزاد»: المؤمنين الأنصار.
(٣) في «الزاد»: والأزواج، وكان أولى بهم من أنفسهم، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة، وصاحوا بهم من كل جانب، والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح، حتى قوية الشوكة.
(٤) في «الزاد»: ولم يفرضه عليهم.

<<  <   >  >>