للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَمَّا أَهْلُ الهُدْنَةِ: فَإِنَّهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، كَانَ مَعَهُمْ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَهَادَنَهُمُ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِمَصَالِحِ المُسْلِمِيْنَ، لِسُلُوْكِ طَرِيْقِ الْوُصُوْلِ إِلَى حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ المَصَالِحِ لِلْمُسْلِمِيْنَ، عَلَى شَئٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ المُدَّةُ (١)، كَمَا فِيْ حَدِيْثِ أَنَسٍ عِنْدَ «مُسْلِمٍ»، وَغَيْرِهِ، أَنَّ قُرَيْشَاً صَالَحُوْا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاشْتَرَطُوْا عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَانَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوْهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوْا يَارَسُوْلَ اللهِ، أَتَكْتُبُ هَذَا؟ ! (٢) قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجَاً وَمَخْرَجَاً» (٣).

وَهُوَ فِيْ «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ» (٤) وَغَيْرِهِ، مِنْ حَدِيْثِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ مُطَوَّلاً، وَفِيْهِ مُدَّةُ الصُّلْحِ بَيْنَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ قُرَيْشٍ عَشْرَ سِنِيْنَ، وَذَلِكَ عَامَ الحُدَيْبَيِةِ.

وَقَدْ ذَهَبَ الجُمْهُوْرُ إِلَى أَنَّهُ لَايَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ (٥)؛

لِأَنَّ اللهَ - سبحانه وتعالى - أَمَرَنَا بِمُقَاتَلَةِ الْكُفَّارِ فِيْ كِتَابِهِ الْعَزِيْزِ، وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ


(١) كذا بهذه العبارة.
(٢) نهاية الورقة [٤] من المخطوط.
(٣) «صحيح مسلم» (١٧٨٤).
(٤) «صحيح البخاري» (٢٥٨١).
(٥) والراجح عدم التحديد بِمُدَّةٍ؛ إذا رأى وليُّ الأمر المصلحة في ذلك، ويكون العقد جائزاً غير لازم.

ينظر في هذه المسألة: «الأم» للشافعي (٤/ ٢٦٩)، «الأوسط» لابن المنذر ـ ط. دار الفلاح ـ (٦/ ٣٥٤ ـ ٣٥٦)، «الإنجاد في أبواب الجهاد» لابن المناصف (٢/ ٣٢٩)، «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» (٢٩/ ١٤٠)، «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (٢/ ٨٧٧)، «مجموع فتاوى ابن باز» (١٨/ ٤٣٩)، «الشرح الممتع» لابن عثيمين (٨/ ٤٦).

<<  <   >  >>