للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ أَمَرَ اللهُ - سبحانه وتعالى - نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالهِجْرَةِ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} (١) كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

أَخْرَجَهُ: «التِّرْمِذِيُّ» وَصَحَّحَهُ هُوَ، وَالحَاكِمُ، وَذَكَرَ الحَاكِمُ أَنَّ خُرُوْجَهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ بَيْعَةِ العَقَبَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَرِيْبَاً مِنْهَا.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِيْ «صَحِيْحِهِ» عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، سَمِعْتُ عُمَرَ ابْنِ الخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُوْلُ: «الْأَعْمَالُ (٢) بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيْبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ؛ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ» (٣).

وَبَقِيَ وُجُوْبُ الهِجْرَةِ عَنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى أَنْ تَقُوْمَ الْسَّاعَةُ، لِحَدِيْثِ عَبْدِاللهِ بْنِ الْسَّعْدِيِّ، رَفَعَهُ: «لَاتَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ مَا قُوْتِلَ الْعَدُوُّ» رَوَاهُ الْنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ (٤).


(١) سورة الإسراء، آية (٨٠).
(٢) نهاية الورقة [٣] من المخطوط.
(٣) «البخاري» (١) و (٥٤) و (٣٨٩٨)، و «مسلم» (١٩٠٧).
(٤) أخرجه كما قال المؤلف: النسائي في «المجتبى» (٧/ ١٤٦) (١٤٧٢)، وفي «السنن الكبرى» (٨/ ٦٥) (٨٦٥٤) إلى رقم (٨٦٥٧)، وفي (٧/ ١٧٩) رقم (٧٧٤٧) و (٧٧٤٨)، وابن حبان في «صحيحه» (١١/ ٢٠٧) (٤٨٦٦) ولفظه عندهما: «ما قُوْتِلَ الكُفَّارُ».
وأخرجه: أحمد في «مسنده» (٣/ ٢٠٦) (١٦٧١)، و (٣٧/ ١٠) (٢٢٣٢٤)، وغيرُه.

ولفظ أحمد (٣٧/ ١٠): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ: احْفَظْ رِحَالَنَا. ثُمَّ تَدْخُلُ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَضَى لَهُمْ حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ادْخُلْ فَدَخَلَ. فَقَالَ: «حَاجَتُكَ؟ » قَالَ: حَاجَتِي. تُحَدِّثُنِي: أَنْقَضَتِ الْهِجْرَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «حَاجَتُكَ خَيْرٌ مِنْ حَوَائِجِهِمْ لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ».
ومن ألفاظ النسائي: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: وَفَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابِي فَقَضَى حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ كُنْتُ آخِرَهُمْ دُخُولًا عَلَيْهِ» فَقَالَ: «حَاجَتُكَ؟ » فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ».
والحديث في إسناده اخْتِلَافٌ كَثِيْرٌ، ، وَلَهُ شَوَاهِدُ، يُنْظر: «التخريج المحبَّر الحثيث لأحاديث كتاب المحرر في الحديث» لسليم الهلالي (٢/ ٨٨٤ ـ ٨٨٧)، «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (٢/ ٤٢)، «إرواء الغليل» (٥/ ٣٤)، «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٢٤٠)، طبعة الرسالة ل «المسند» (٣٧/ ١١).
وحسَّنَ إسنادَه الألبانيُّ في «الإرواء» (٥/ ٣٤).

<<  <   >  >>