وهذه أختُ عمر - رضي الله عنه - ... لما قال لها: أريني هذا الكتاب، قالت: إنه لا يمسُّه إلا المُطَهَّرون، ولم تُوَافِقْهُ، وقد أدمى رأسَهَا، ومع ذلك، قالت: كان ذلك ـ تعني الإسلام ـ على رغْمِ أنفِك. وكذلك أم حبيبة بنت أبي سفيان، طَوَتْ فِرَاشَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها، فقال: بُنَيَّة، أرَغبتِ بي عن هذا الفراش، أو رغبتِ به عنِّي؟ ! قالت: (بل هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتَ رجُلٌ مُشْرِكٌ، نَجِسٌ، فلا أُحِبُّ أنْ تجْلِسَ عَلَيه). ومِثْلُ هذا كَثِيْرٌ من أقوالهم وأفعالهم، - رضي الله عنه - وَأَرْضَاهُمْ. والمقصودُ: أنَّ لهمْ مِنَ الغَيْرَةِ ما هو مَعْلُومٌ، ومَصَالِحُ سفَرِهِم للدِّين، والدعوةِ إليه ظَاهِرةٌ، وحُجَجُهُمْ على أعدائِهِ قائِمَةٌ قاهِرةٌ؛ ومَنْ استدَلَّ بهذا على ما يصدُرُ من أهلِ الزَّمَانِ، فهُوَ المُكَابر لا محالَةَ، وهو كمَنْ يستدِلُّ بجواز القُبْلَةِ فِي نَهَار رمضَانَ، عَلَى جوَازِ الوَطءِ فِيهِ). انتهى.
(١) قال ياقوت: (بُصْرى: في مَوْضِعَيْنِ، بالضَمِّ والقَصْرِ، إحداهما بالشام، من أعمال دمشق، وعي قصبة كورة حوران، مشهورةٌ عند العرب قديماً وحديثاً ... وبُصْرَى أيضاً من قُرى بغداد قُرْبَ عكبراء ... ). يُنْظَر: «معجم البلدان» (١/ ٤٤١).