للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الْبَحْث عَمَّا لم يكلفنا الله الْبَحْث عَنهُ من تَأْوِيلهَا وَلم يطلعنا على علمه وَاتِّبَاع طَرِيق الراسخين الَّذين أثنى الله عَلَيْهِم فِي كِتَابه الْمُبين حِين قَالُوا {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} فَهَذَا الطَّرِيق السَّلِيم الَّذِي لَا خطر على سالكه وَلَا وَحْشَة على صَاحبه وَلَا مَخَافَة على مقتفيه وَلَا ضَرَر على السائر فِيهِ من سلكه سلم وَمن فَارقه عطب وَنَدم وَهُوَ سَبِيل الْمُؤمنِينَ الَّذِي دلّت عَلَيْهِ السّنة وسلكه صَالح الْأمة (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً)، وعائب هَذِه الْمقَالة لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يعيب الْإِيمَان بالألفاظ أَو السُّكُوت عَن التَّفْسِير أَو الْأَمريْنِ مَعًا، فَإِن عَابَ الْإِيمَان بالألفاظ فَهِيَ قَول رب الْعَالمين وَرَسُوله الصَّادِق الآمين - صلى الله عليه وسلم - فعائبها كَافِر بِاللَّه الْعَظِيم؛ وَلِأَن عائب الْإِيمَان بِمَا لَا يَخْلُو من أَن يكون مُؤمنا بهما أَو كَافِراً فَإِن كَانَ مُؤمنا بهما فَكيف يعيب مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِن كفر بهما خرج من الْإِسْلَام وَكفر بِالْإِيمَان، قَالَ الله تَعَالَى (وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ)، وَإِن عَابَ السُّكُوت عَن التَّفْسِير أَخطَأ، فإننا لَا نعلم لَهَا تَفْسِيراً وَمن لم يعلم شَيْئاً وَجب عَلَيْهِ السُّكُوت عَنهُ وَحرم عَلَيْهِ الْكَلَام فِيهِ، قَالَ الله تَعَالَى (وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم)، وَذكر الله تَعَالَى فِي المُحرمَات: (وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ) ... ]
وقال أيضاً: (ص ٥٩): [وَأما إيمَاننَا بِالْآيَاتِ وأخبار الصِّفَات فَإِنَّمَا هُوَ إِيمَان بِمُجَرَّد الْأَلْفَاظ الَّتِي لَا شكّ فِي صِحَّتهَا وَلَا ريب فِي صدقهَا وقائلها أعلم بمعناها فَآمَنا بها على الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَ رَبنَا - تبارك وتعالى - فجمعنا بين الْإِيمَان الْوَاجب وَنفي التَّشْبيه الْمحرم، وَهَذَا أَسد وَأحسن من قَول من جعل الْآيات وَالْأَخْبار تجسيماً وتشبيهاً =

<<  <   >  >>