للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (لا إِنْ غَلِطَ) أي: فذبح أضحية غيره معتقدًا أَنها أضحيته فلا تجزئ عن ربها اتفاقًا ولا عن الذابح على المشهور، وقيل: تجزئه لأن إعطاءه القيمة يحقق له الملك، وقيل: إن كانت على وجه ليس لمالكها فيها إلا أخذ القيمة فإنها تجزئه، وإن بقي لربها فيها خيار لم تجزئ الذابح، وإلى الأول أشار بقوله: (فَلا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُما) والفاء للسببية.

(المتن)

وَمُنِعَ الْبَيعُ وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا، وَالإِجَارَةُ وَالْبَدَلُ، إِلَّا لِمُتَصَدِّقٍ عَلَيهِ، وَفُسِخَتْ وَتُصُدِّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إِنْ لَمْ يتَوَلَّ غَيْرٌ بِلا إِذْنٍ وَصَرْفٍ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ. وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ، فَلا تُجْزِئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ، كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إِلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ، وَلَوْ ذُبِحَتْ، لا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.

(الشرح)

قوله: (وَمُنِعَ الْبَيْعُ) أي: بيع شيء من لحم الأضحية أو جلدها أو شعرها أو غيره، وقاله في المدونة (١)؛ لأنها صارت قربة لله تعالى، والقرب (٢) لا تقبل المعاوضة. ابن المواز: ولا يتصدق بلحمها على من يعلم أنه يبيعه (٣).

قوله: (وَإنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإِمَامِ) أتى بهذا وما بعده على طريق المبالغة، ومراده أن الأضحية لا يجوز بيع شيء منها ولو ذبحت قبل ذبح الإمام، وقاله القابسي لقوله عليه السَّلام لأبي بردة في العَنَاق: "هي خير نسكيك" (٤)، فسمى ما أجزأه وما لم يجزئه نسكًا، وقال بعض الأشياخ: يجوز البيع وتسمية ما لم يجزئ نسكًا إنما هو باعتبار قصد الذابح، ويدل


(١) انظر: المدونة: ١/ ٥٤٨.
(٢) في (ن ٢): (والقربة)
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ٣٢٧.
(٤) أخرجه مسلم: ٣/ ١٥٥٢، في باب وقتها، من كتاب الأضاحي، برقم: ١٩٦١، والترمذي: ٤/ ٩٣، في باب الذبح بعد الصلاة، من كتاب الأضاحي، برقم: ١٥٠٨، والنسائي: ٧/ ٢٢٢، في باب ذبح الضحية قبل الإمام، من كتاب الضحايا، برقم: ٤٣٩٤، وابن الجعد في مسنده، ص: ٣٩٨، برقم: ٢٧١٦، واللفظ له، وجاء في صحيح البخاري: ٥/ ٢١١٤، برقم: ٥٢٤٣ "قال عامر -هو الشعبي-: هي خير نسيكتيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>