للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا) أي: فإن دخل بهما معًا حرمتا عليه، وهو ظاهر إن كانتا (١) في عقدين، وقلنا بصحة أنكحتهم، كما لو وقع ذلك من مسلم، وإن لم نقل بصحتهما (٢) فهو وطء بشبهة، وقد علمت أنه ينشر الحرمة.

قوله: (وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ) أي: فإن دخل بإحداهما تعينت، وهو ظاهر، لكن إن دخل بالبنت تعينت بلا خلاف أعلمه منصوصًا في المذهب، وإن دخل بالأم تعينت على مذهب المدونة (٣)، ولمالك وأشهب: أنهما يندفعان (٤)، بمعنى: أن كل واحدة تحرم الأخرى، فبالعقد على البنت تحرم الأم، وبوطء الأم تحرم البنت.

قوله: (ولا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ، أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا) يريد: أنه إذا فارق البنت، أو الأم؛ لاختيار الأخرى، أو لتعيين الأخرى (٥)، أو فارقهما معًا حيث لا يجوز له اختيار واحدة (٦)؛ فإن حرمة المصاهرة تنشر بين ابنه وأبيه، وبين من فارقها، فلا يتزوج واحدة منهما، بل تحرم عليه، وهو مذهب المدونة عند ابن يونس (٧)، وعياض. وحملها غيرهما على الكراهة؛ لقوله: لا يعجبني (٨)، وفي كتاب محمد: أنها لا تحرم عليه بعقد الشرك (٩).

قوله: (واخْتَارَ بِطَلاقٍ، أَوْ ظِهَارٍ، أَوْ إِيلاءِ، أَوْ وَطْءٍ) يريد: أن المعتبر في خيار (١٠) من يختارها لا يشترط فيه أن يقول: اخترت فلانة، أو فارقتها بل يكفي في ذلك مطلق الدلالة، ولا شك أن الطلاق، والظهار، والإيلاء من الدلائل القولية، والوطء من الدلائل الفعلية، فإذا طلق واحدة فقد اختارها؛ لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة،


(١) في (ن): (كانا).
(٢) في (ن): (بصحتها).
(٣) انظر: المدونة: ٢/ ٢٢٢.
(٤) انظر: التوضيح: ٤/ ٩٨.
(٥) قوله: (لاختيار الأخرى، أو لتعيين الأخرى) يقابله في (ن): (لاختياره الأخرى أو لتعيينها).
(٦) زاد بعده في (ن): (منها).
(٧) انظر: التوضيح: ٤/ ٩٨.
(٨) انظر: المدونة: ٢/ ٢٢٢.
(٩) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ٥٨٨.
(١٠) في (ن): (اختياى).

<<  <  ج: ص:  >  >>