للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه لا يضمن، وكذلك ظرف القمح إذا ضاع من عند الطحان، ونحو ذلك مما هو محتاج إليه؛ ولهذا قال: (ولو محتاجًا له عمل) وأما ما لا يحتاج إليه فأحرى في عدم الضمان (١)، كأحد الخفين تحتاج إلى الإصلاح، فيدفع الفردتين إلى الصانع، فتضيع التي لا صنعة له فيها، وفي جميع ذلك ثلاثة أقوال: قول سحنون: أنه لا يضمن إلا ما له فيه عمل وإن احتاج إليه، وقول ابن حبيب: أنه يضمن فيهما، وقيل: لا يضمن ما ليس له فيه عمل وإن احتاج إليه الشيء المعمول، إلا أن يحتاج إليه في عمله، فالذي ذكره هنا هو قول سحنون (٢).

قوله: (وإن ببيته أو بلا أجر) هذا مبالغة في ضمان الصانع، يعني: أنه يضمن ما تلف مما له فيه صنعة منفعة (٣) وإن صنع ذلك في بيته أو حانوته، وسواء عمله بأجر أو لا، يريد: وسواء تلف بصنعته أو بغيره صِنْعَته (٤)، ما لم يكن في ذلك تغرير، كنقش الفصوص، وثقب اللؤلؤ، ووضع الثوب في قدر الصباغ، إلا أن يتعدى فيها. وحكى بعض الأشياخ قولين فيما إذا لم ينصب نفسه للصنعة، أحدهما: أنه يضمن مطلقًا، والثاني: أنه لا يضمن إلا إذا تناول لذلك أجرًا، وحكى بعضهم الاتفاق على الثاني.

قوله: (إن نصب نفسه) أي: للصنعة، واحترز به عما إذا لم ينصب نفسه، وإنما كان أجيرًا لشخص بخصوصيته، أو صانعًا لرجل كذلك، فلا يضمن، وصوب ابن يونس ضمان من لم ينصب نفسه ولو عمل بلا أجر، قال: وهي رواية للمتقدمين.

قوله: (وغاب عليها) أي: على السلعة، احترازًا مما إذا لم يغب عليها، بأن يعملها بحضرة ربها، فإنه لا ضمان عليه في تلفها؛ لأنه مع ربها يشبه الأجير الخاص، وفي كتاب ابن حبيب أنه يضمن.

قوله: (فبقيمته يوم دفعه) أي: فإذا ضمنا الصانع، فإنا نضمنه ذلك الشيء الذي تلف عنده بقيمته يوم دفعه (٥) ربه إليه، قال في الموازية والواضحة: وليس لربه أن يقول


(١) قوله: (عدم الضمان) يقابله في (ن ٥): (ضمان الضامن).
(٢) انظر: البيان والتحصيل: ٤/ ٢٣١.
(٣) قوله: (منفعة) زيادة من (ن ٥).
(٤) في (ن ٣) و (ن ٤) و (ن ٥): (بغيره صنعة).
(٥) قوله: (أي: فإذا ضمنا ... بقيمته يوم دفعه) ساقط من (ن ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>