للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونبه بقوله: (اخْتِيَارًا) على أن من اضطر لفعلها لفاقة نزلت به أو نحوها أو أكره على فعلها لا تكون قادحة، يريد: أو قصد بذلك كسر نفسه، وقد نص عليه بعض أصحابنا، وإنما اشترط الإدمان في الشطرنج دون غيرها، لأنه كذلك في كتاب الشهادات من المدونة (١) لاختلاف الناس في إباحتها، وفي كتاب (٢) الرجم والسرقة منها ايشترط ذلك (٣).

واختلف هل هو خلاف أو وفاق، فيحمل المطلق على المقيد. وحكى ابن يونس وابن أبي زيد قولين أحدهما (٤): أن من لعبها لا تجوز شهادته، وإن لم يكن مدمنًا، وقال ابن عبد الحكم: إن أكثر من لعبها حتى شغلته عن الصلاة في الجماعة طرحت شهادته، وإلا جازت (٥). وقيل: إن لعبها مع الأوباش على الطرقات كان ذلك قادحًا في شهادته وإلا جازت (٦)، وإن لعبها في الخلوة مع الأمثال والنظراء من غير إدمان، ولا في حال يلهي عن العبادات والمهمات الدينية والدنيوية فلا يقدح.

قوله: (وإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ أَوْ أَصَمَّ فِي فِعْلٍ) يعني: أنه لا يشترط في الشاهد أن يكون سميعًا بصيرًا، بل تجوز شهادة (٧) الأعمى في الأقوال، والأصم في الأفعال.

قوله: (لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ إِلا فِيما لا يَلْبِسُ) هذا شروع منه في موانع الشهادة، وهو


(١) انظر: المدونة: ٤/ ١٩.
(٢) قوله: (كتاب) ساقط من (ن).
(٣) انظر: المدونة: ٤/ ٥٢٠، في كتاب الرجم قيد ذلك بالإدمان ولفظه: (قلت: أرأيت لو أن قومًا شهدوا عند القاضي على رجل بحد من الحدود أو بحق للناس، فأقام المشهود عليه البينة أن هؤلاء الشهود يلعبون بالشطرنج ما قول مالك فيه؟ قال: قال مالك: أما المدمن على اللعب بالشطرنج فلا أرى أن تقبل شهادته). المدونة: ٤/ ٥٤١، وفي كتاب السرقة لم يقيد ذلك بالإدمان: ولفظه: (قلت: أرأيت إن أقام البينة المشهود عليه على الشهود بعدما زكوا، أنهم شربة الخمور أو أكلة الربا أو مجان أو نحو هذا، أو أنهم يلعبون بالشطرنج أو بالنرد أو بالحمام، أيكون هذا مما تجرج به شهادتهم في قول مالك؟ قال: نعم).
(٤) قوله: (قولين أحدهما) ساقط من (ن ٣)، وفي (ن ٥): (قولان)، وفي (ن): (قو لا).
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ٨/ ٢٩٥.
(٦) قوله: (وإلا جازت) زيادة من (ن ٣).
(٧) قوله: (شهادة) ساقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>