للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقاتل وأحرى إذا كانت الوصية قبل ذلك، ولهذا حَسُنَ منه لفظ المبالغة، وأشار بقوله: (أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ) إلى أنه يدخل في ثلث الدية أيضًا من أوصى له بثلث ماله، وكذلك يدخل في ثلثها من أوصى له بشيء بعينه كحانوته أو داره أو دابته ونحو ذلك.

قوله: (إِذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ) وهو شرط فيما يوصي به قبل طريان سببها، و (مَا) من قوله: (مَا يُمْكِنُهُ) مصدرية؛ أي: إذا عاش مدة يكون فيها ثابت الذهن يمكنه تغيير الوصية فلم يغيرها، فإن لم يكن في تلك المدة ثابت الذهن بل عجز بمجرد الضرب أو الجرح (١)؛ فإن الوصايا لا تدخل (٢) فيها.

قوله: (بِخِلافِ الْعَمْدِ) أي: فلا مدخل للوصية فيه؛ إذ ليس بمال الميت، وإنما هو إذا قبلت الدية بعد موته مال طارئ (٣) لورثته بعد الموت.

قوله: (إِلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقْتَلَهُ، وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَّةَ وَعَلِمَ) لما ذكر أن الوصية لا مدخل لها في العمد نبه على أن هذه المسألة ليست من ذلك، وأن الموصى له يدخل فيها، وذلك إذا أنفذ له مقتلًا من مقاتله، وبقي حيًّا يتكلم فيقبل أولاده الدية، وعلم بها، فيوصي فيها؛ لأنه مال علم به قبل خروج روحه، ونقله ابن المواز (٤).

قوله: (وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ، فَمَاتَ، فَلأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ والْقَتْلُ، ورَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ) أي: وإن عفا المجني عليه عن جرحه أو صالح الجاني بمال أخذه منه ثم ترامى جرحه فمات؛ فإن أولياءه يخيرون في إمضاء العفو والصلح وفي نقض ذلك، ويرجعون إلى حقهم في النفس في العمد والدية في الخطأ بقسامة، فإذا نقضوا ذلك رجع الجاني فيما أخذ منه وليهم، وقال أشهب: إلا أن يقول: عفوت عن الجرح وعن ما ترامى إليه، فيكون عفوًا عن النفس (٥).

قوله: (وَلِلْقَاتِلِ الاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ) أي: إذا ادعى أن ولي الدم عفا عنه وأنكر


(١) في (ن ٤): (الخروج).
(٢) في (ن): (تؤخذ).
(٣) في (ن ٥): (صار).
(٤) انظر: الذخيرة: ٧/ ٩٣، والتوضيح: ٨/ ٤٨٧، حيث عزاه إلى ابن يونس.
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ١٣/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>