للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإعانة، (فقد سألني) فأتى بكلمة فصل الخطاب التي تفصل ما بعد الكلام عما قبله، داعيًا له وللسائلين بقوله: (أبان الله لي ولهم) أي: أظهر الله تعالى لي ولهم آثار (١) التحقيق، فنتبعه. الجوهري: المعالم جمع معلم، وهو الأثر يستدل به على الطريق (٢).

قوله: (وسلك بنا وبهم أنفع طريق).

شمل الدعاءُ السائلَ والمسئولَ، بإظهار معالم التحقيق والهداية إلى أنفع طريق لسلوكها والعمل بها، وقد يكون قصد شمول (٣) جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم تسليمًا المعاصرين له.

قوله: (مختصرًا على مذهب الإمام مالك بن أنس -رَحِمَهُ اللهُ-).

أي: أصنف مختصرًا في الفقه ليسهل حفظه على المشتغلين، ويفتح أذهان الطالبين، وكما أنَّ التطويل الذي لا يُمِلُّ (٤) من البلاغة، فالاختصار الذي لا يُخِلُّ من البلاغة أيضًا، وقد أُعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - جوامع الكلم (٥)، واختُصر له الأمر اختصارًا، فتارة أطال - صلى الله عليه وسلم - قصدًا للبيان، ومرة اختصر - صلى الله عليه وسلم - قصدًا للتسهيل على الحفظ.

قوله: (مبينًا لما به الفتوى).

(مبينًا) اسم فاعل حال من الفاعل المعنوي المستتر في (أُصَنِّفُ) المقدر أي: حالة كوني مبينًا، أو من مفعول (سألني)، ويجوز أن يكون اسم مفعول صفة لقوله: (مختصرًا) مبينًا للقول الذي استقرت به الفتوى (٦) ليسهل العمل به (٧)، ويقرب تناوله على طالبه


(١) في (ن): (أثر).
(٢) انظر: الصحاح، للجوهري: ٥/ ١٩٩١.
(٣) في (ن): (الشمول).
(٤) في (ن): (يخلو).
(٥) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٦/ ٢٦٥٤، في باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثت بجوامع الكلم، من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، برقم: ٦٨٤٥، ومسلم: ١/ ٣٧١، في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم: ٥٢٣. كلاهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون".
(٦) قوله: (استقرت به الفتوى) يقابله في (ن): (يستثر به ليسهل الذي يستتر به).
(٧) زاد بعده في (ن): (ويسند إليه).

<<  <  ج: ص:  >  >>