للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء عليه على الأصح؛ لما روي أنه عليه السَّلام وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، فقال: "اذبح ولا حرج"، وقال آخر: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: "ارمِ ولا حرج"، فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أُخِّر إلا قال: "افعل ولا حرج" (١). وقال عبد الملك: إن حلق قبل النحر فعليه دم (٢).

قوله: (وَعَادَ لِلْمَبيتِ بمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلاثًا) أي: فإذا أفاض يوم النحر عاد إلى منى ليبيت بها ثلاث ليالٍ، والأَفضل له الرجوع لها (٣) على الفور، وله التربص بمكة عقيب الإفاضة، وعن مالك: أحب إليَّ إذا طاف يوم الجمعة أن يعود إلى منى ولا يمكث ليصلي الجمعة بمكة، ولا يكون المبيت إلا فوق العقبة، وأما فيما بينها وبين مكة فلا (٤)؛ لأنه ليس من منى، و (ثلاثًا) معمول لمحذوف؛ أي: يبيت ثلاثًا بحذف التاء منه؛ لأن المراد ثلاث ليالٍ.

قوله: (وَإنْ ترَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ) نحوه في المدونة (٥)، وعن مالك: لا هدي عليه إلا أن يترك الليلة كلها (٦)، وفهم من قوله: (جل ليلة) أنه لو بات عن منى نصف ليلة فما دون لا يجب عليه الدم، وهو ظاهر المدونة (٧).

قوله: (أَوْ لَيْلتَيْنِ إِنْ تَعَجَّلَ) هذا معطوف على قوله: (ثلاثًا)، والعامل فيه أيضًا محذوف، والتقدير: وعاد للمبيت بمنى فيبيت بهها ثلاث ليالٍ إن لم يتعجل أو ليلتين إن تعجل.

قوله: (وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ) هذا هو المشهور، وعن ابن الماجشون وابن حبيب (٨) إن


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٥/ ١٤٨، في باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، من كتاب العلم، برقم: ٨١، ومسلم: ٦/ ٤٤٧، في باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، من كتاب الحج، برقم: ٢٣٠١، ومالك: ١/ ٤٢١، في باب جامع الحج، من كتاب الحج، برقم: ٩٤١.
(٢) في (ن): (أهدى)، قوله: (النحر فعليه دم) يقابله في (س): (الفجر أهدى). وانظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤١٣.
(٣) قوله: (لها) زيادة من (س).
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤١٥.
(٥) انظر: المدونة: ١/ ٤٢٩.
(٦) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤١٥.
(٧) انظر: المدونة: ١/ ٤٢٩.
(٨) انظر: البيان والتحصيل: ٣/ ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>