للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان هذا الرجل من بني حنيفة، والاستفهام في قول الرجل: «أتقرأ القرآن على غير وضوء؟ » إنكار واستغراب؛ فلذلك أغلظ له عمر الجواب؛ لأنه وضع نفسه في عداد من ينكر على أهل العِلم، وهو ليس منهم ولا كان من قومه أهل علم؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بالردَّة في خلافة أبي بكر، وكانوا تبعًا لمسيلمة الكذَّاب، ولقد كان هذا الرجل جديرًا بما تلقاه من عمر؛ إذ كان عليه أن يجعل فعل عمر قدوة يقتدي بها، فلما تجاوز طوره وجب زجره.

[ما جاء في القرآن]

مالكٌ عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: أُنزلت «عبس وتولى» في عبد الله ابن أم مكتوم. جاء إلى رسول الله، فجعل يقول: يا محمد استدنني، وعند النبي رجلٌ من عُظماء المشركين، فجعل النبي يُعرض عنه ويُقبل على الآخر، ويقول: يا أبا فُلان هل ترى بما أقول بأسًا؟ فيقول: لا والدماء ما أرى بما تقول بأسًا، فأنزلت: {عَبَسَ وتَولَّى (١) أَن جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس: ١، ٢].

كان ذلك بمكة في صدر الإسلام أيام عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن على مشركي مكة، وكان ابن أم مكتوم من المسلمين الأولين، وكان أعمى البصر، والرجل الذي عند رسول الله من عظماء المشركين. قيل: هو عتبة بن ربيعة، وقيل: أبي بن خلف، وقيل: أمية بن خلف، وقيل: شيبة بن ربيعة. ومعنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل ترى بما أقول بأسًا»: أي: ضرًا عليك وعلى قومك؛ وذلك لأن أول ما نزل من القرآن

<<  <   >  >>