للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإضافة اشتمال إلى الصماء حيث يضاف هو من الإضافة البيانية.

وورود «الصماء» منصوبة بعد فعل «يشتمل» وهو نصب على المفعولية المطلقة لفعل اشتمل، إما لبيان النوع أو لمجرد التوكيد على اختلاف التفسيرين. ووصفت بالصماء؛ لأنَّ المشتمل يسد بها المنافذ على رجليه ويديه جميعًا، أو على معظمهما، فوصفها بالصماء مجاز عقلي في إسناد الوصف، وإنَّما الأصم ملابسها وهو الأعضاء الممنوعة بها من الحركة والنفوذ، وإطلاق مادة الصمم عليها استعارة شاعت في كلامهم.

جامع ما جاء في الطَّعام والشَّراب

وقع فيه قول أنس: «ثمَّ أخذت خمارًا لها، ثمَّ لفَّت الخبز ببعضه، ثمَّ دسَّته تحت يدي وردَّتني ببعضه». قال عياض في «المشارق»: اختلف في تأويله، فقيل: معناه صرفت جوعي، فأعطتني من بعض الطعام ما رده. والهاء على هذا (أي: في قوله ببعضه) عائدة على الطعام، وقيل: بل الهاء عائدة على الخمار الذي لفَّت فيه الطعام، أي: غطت أنسًا ببعضه وجعلته له كالرداء، وهذا شبه التأويل، وقد رواه البخاري (أي: عن عبد الله بن يوسف عن مالك) «ثمَّ لاثتني ببعضه»، وهذا يصحِّح هذا التأويل اهـ، أي: لأنَّ لاث بمعنى لفَّ.

قلت: في طرة نسخة ابن بشكوال «عن ابن بشكوال أن ابن وضَّاح فسَّره بمعنى ردت جوعه، قال: وليس من الرداء كما يقول من يقول اهـ. وأقول: تفسير ابن وضَّاح لا يلائم لفظ أنس؛ لأنَّ كلمة (بعض) الثانية مجعولة في مقابلة كلمة (بعض) الأولى و (بعض) الأولى متعين انصرافها إلى الخمار، والمعنى: أنَّها لفت الخبز في بعض الخمار، ثمَّ جعلت فضلة الخمار على كتف أنس لطول الخمار حفظًا للخمار من أن يذال على الأرض.

* * *

ووقع فيه قوله: «لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الَّذي بلغ منِّي»، يجوز أن

<<  <   >  >>