للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مالك على ما بلغه عن عمر في «الموطإ». وإن لم يصح عن مالك فقد أخذ مالك برأي يخاف رأي عمر؛ لأنه استبان له رجحان رأيه على ما ثبت عن عمر. قال أبو عمر ابن عبد البر في كتاب «الكافي» بعد أن ذكر قول مالك الثاني «وهذا من طريق الأثر أصح». وليست مسألة نظر لأنا قلدنا فيها عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - اهـ. وكان قول ابن عبد البر «هذا من طريق الأثر أصح» يلوح إلى أن القول الذي في «الموطإ» أصح من طريق النظر من حيث إن عقد الثاني انعقد بوجه شرعي؛ فصار مبطلاً للعقد الأول ولا وجه لإبطال عقد الثاني. وقوله: «وليست مسألة نظر» فيه نظر. ومن البين أن المنظور إليه شرعًا في تأجيل الغائب المفقود واعتداد زوجه منه وأنها تحل للأزواج بعد انقضاء العدة هو حق المرأة في طلب العشير؛ لأن الله تعالى قال: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: ١٨٩]؛ فلذلك لم يُلتفت إلى كون الغائب مفرطًا في إعلام زوجه بمحل غيبته أو غير مفرط، ولا إلى كونه مقهورًا على الانقطاع أو مختارًا؛ لأن حق المرأة سبب يبيح لها التخلص من عصمة هذا المفقود؛ فصار من خطاب الوضع الذي لا يعتبر فيه علم المكلف ولا قدرته ولا معذرته، وما يترتب على ذلك له من التزويج والفوات هو كله من آثار السببية.

وقول مالك رحمه الله هنا: «وذلك الأمر عندنا» لعله يريد به نفسه، أي: وذلك الأمر عندي، أي: وذلك رأيي، ولا يريد به أنه الأمر عند أهل المدينة؛ لأن رجوعه عن هذا القول في رواية ابن القاسم وأشهب عنه. وقوله: «إنه بلغه عن عمر بن الخطاب مثل ما رجع هو إليه»، يدل على أنه لم يرد بقوله هنا: «وذلك الأمر عندنا» عمل أهل المدينة فإنه لو ثبت عملهم؛ لكان أصلاً عظيمًا يرجع إليه عند مالك رحمه الله.

[ما جاء في الإحداد]

وقع فيه لفظ «الشيرق»، وقد بينته في «العيلة وما يشبهها» بعد هذا.

<<  <   >  >>