للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من اللعان لنفي الحمل فيشترط تحقق الاستبراء لا ريبة فيه ولا احتمال، وإما إلغاء اللعان لنفي الحمل؛ وجعل النسب تابعًا للعصمة والفراش، كما اقتضاه حديث ولد وليدة زمعة. والمقام حرج، يضيق عن المناظرة والحجج، ولا ينبغي أن يترك غير محوط بأسوار الاحتياط، بل يجب أن تسد عنه ذرائع التساهل والأغلاط، وهذا دستور يرجع إليه في اللعان بقاعدة تحقيق المناط.

[عدة التي تفقد زوجها]

مالك عن يحيي بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: أيما امرأةٍ فقدت زوجها، فلم يُدر أين هو؛ فإنها تنتظر أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهرٍ وعشرًا ثم تحل. قال مالك: وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها فدخل بها زوجها أو لم يدخل بها؛ فلا سبيل لزوجها الأول إليها. قال: وذلك الأمر عندنا.

لم يرد في السنة شيء في المفقود فكان الحكم في شأنه من زوجه ومن ماله منوطًا بالاجتهاد، وأول ما حفظ فيه قضاءٌ لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين اتسعت أقطار الإسلام وامتدت الفتوح، وتوغل المسلمون في بلاد العدو، وانقطعت أخبار كثير منهم عن أهليهم، وتضرر الأزواج والقرابة.

ومسائل المفقود مبسوطة في «المدونة» وغيرها من كتب مذهبنا، وإنما الذي نهتم به هنا هو مسألة «المُوطإ» في تزوج امرأة المفقود بعد تأجيله وتمويته أو طلاقها عليه، ثم يقدم زوجها بعد عقد زوج آخر عليها، فقال مالك هنا: إن مجرد العقد يفيتها على زوجها الأول لو قدم سواء بنى بها الزوج الثاني أم لم يبن بها. ودرج على ذلك مالك مدة طويلة ثم قال مالك في آخر عمره: إذا قدم زوجها الأول قبل بناء الثاني بها فسخ عقد الثاني ورجعت إلى زوجها الأول. وبقوله الثاني الذي رجع إليه أخذ ابن القاسم وأشهب من أصحاب مالك وأخذ بقية أصحاب مالك بقوله الأول وهو

<<  <   >  >>