للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذا نظير. وقد تظافرت الأدلة على أنها ليست بآية من سور القرآن. وسيجيئ حديث أبي ابن كعب في «ما جاء في أم القرآن». وهو أعظم دليل على أن البسملة ليست من الفاتحة، وقول مالك وسائر أئمة المدينة، وجمهور علماء الإسلام: إنها ليست بآية في أوائل سور القرآن، وهو الذي لا ينبغي التعويل على غيره؛ إذ لو كانت آية في أوائل السور لرويت قراءتها في أوائل السور بالتواتر، وذلك مفقود بالإجماع. فتعين أن لا تثبت قُراءنيتها في أوائل السور؛ إذ ليس بين أيدينا قرآن غير متواتر، كما أشار إلى الاستدلال بهذا أبو بكر الباقلاني رحمه الله وهو ملجئ للمخالفين؛ ولأجل ذلك تُركت زيادات ابن مسعود، آيات انفرد بروايتها ولم تتواتر، مع أنه رواها أنها من القرآن. ونقل عن المازري أنه كان يقرؤها في الصلاة في أول السور خروجًا من الخلاف. ولا أظن ذلك به لضعف أدلة القائلين بقراءنيتها، وإنما تعلقوا بأحاديث ضعيفة، وبكونها كتبت في المصاحف بين السور، ولا يصح هذا دليلاً لقراءنيتها، فإنها كتبت فصلاً للسور علامة على الافتتاح، وإنما جعلوها العلامة دون نحو: الحمد لله، من أجل أنها لفظ قرآني، حتى لا يُدخل في المصحف ما ليس بقرآن.

[ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه]

مالكٌ عن ابن شهابٍ، عن ابن أكيمة الليثي، عن أبي هُريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاةٍ جهر فيها بالقراءة فقال: «هل قرأ معي منكم أحدٌ آنفًا؟ » فقال رجلٌ: نعم أنا يا رسول الله، قال: فقال رسول الله: إني أقول: «ما لي أُنازع القرآن»، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله، فيما جهر فيه رسول الله، بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

هذا الحديث أصرح حديث في هذا الباب؛ لأن فيه التصريح بأن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت جهرية، فلا يعارض الأحاديث الآمرة بقراءة المأموم مع الإمام في الصلاة

<<  <   >  >>