للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا لا يبقى إشكال في إعطائه إياها أبا جهم مع أن أبا جهم قد يصلي فيها أيضًا؛ لأن نظر أبي جهم إلى أعلامها لو حصل، لا ينقصه مقدار خشوع أمثاله، فهذا مقام روحاني عظيم دل عليه الحديث.

العمل في غُسل الجُمعة

مالكٌ عن سُمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هُريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجُمعة غُسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنةً. ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرةً. ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرن. ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجةً. ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر».

شُرع الغسل يوم الجمعة؛ لقصد التنظيف لأجل الاجتماع للصلاة؛ ليكون الناس على حالة كاملة في حالة اجتماعهم؛ ولأجل ذلك سُن لبس أحسن الثياب والطيب. وقوله: «ثم راح في الساعة الأولى» أي: الأولى من وقت الجمعة، وليس المراد في الساعة الأولى من انتهاء الغسل؛ لأن عمر بن الخطاب قال لعثمان حين دخل المسجد وعمر يخطب: «أيةُ ساعةٍ هذه؟ »: أي: أية ساعة من الساعات المأمور بها، فتعين أنها ساعة ليوم الجمعة، وإنما يوم الجمعة يعتبر بصلاة الجمعة، فتعين أن الساعة ساعة من وقت صلاة الجمعة.

والمراد بالساعات في قوله «في الساعة الأولى» وما بعده هو: أجزاء من تجزئة المدة التي بين ابتداء النداء إلى الجمعة وبين خروج الإمام. وهو تفسير مالك للحديث فيما نقله عنه أصحابه، وذكر في «المدونة» وفي «تفسير ابن مُزين للموطإ» عن عيسى ابن دينار قال: أخبرني ابن القاسم عن مالك أنه قال: أما الذي يقع في قلبي، فإنه إنما أريد به ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات، من راح في أول تلك الساعة، أو الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة. قال عيسى: هو بين في ذكر كتاب

<<  <   >  >>