للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول له: لم لم تبالغ في صبِّ الماء على رأسي، فقد علم ابن منية أنَّ عُمر أمره بصبِّ الماء على رأسه من قوله: «أصبب على رأسي»؛ وبذلك يظهر معنى قول ابن منية له بعد هذا: «إن أمرتَني صببت» أي: إن صَمَّمت على أن تجعل الماء على رأسك صببتُ.

وقول ابن منية: «أتريد أن تجعلها بي» الضمير المؤنث يعود إلى الفدية التي يوجبها إلقاءُ التفث مثل: قصِّ الأظفار؛ فكان يًعلى يحسب أنَّ المبالغة في صب الماء على الرأس من قبيل إلقاء التفث لما ينحدر مع الماء من الأوساخ؛ فلذلك ردَّ عليه عمر بقوله: «أصبُب» أي: رد صب الماء: «فلن يزيده الماءُ إلا شعثًا». فمعنى قوله: «أن تجعلها بي» أن تجعل الفدية عن خطا بسبب فعلي، وكلام يعلى هنا فيه ضرب من الدُّعابة مع عمر، فقد علم يعلى أنَّ عُمر لا يريد ذلك، وأنَّ يَعلى لو فعل بدون إذن عمر ما وجب على يعلى شيء من الفدية، إنَّما يجب ذلك على عمر.

وقوله: «إن أمرتني صببت» أراد أمر عمر يبين ليعلي أن لا حَرج في صب المُحرم الماء على رأسه في غسله فرضًا أو تطوعًا، وأنَّه يقتدي به؛ لأنَّه لو كان له رأي يخالف ذلك ما جاز له التسبب فيما هو منهي عنه، ولو كان بإذن الفاعل. ألا ترى إلى حديث أبي قتادة الأنصاري في «صحيح البخاري» حين كان حَلالاً مع قوم حُرُم فرأى حمار وحش، فركب فرسه، وقال لمن معه: ناولوني سوطي فأبوا أن ينالوه سوطه؛ لأنَّهم حُرم لا يعينون على الصيد الممنوع للمُحرم.

لَبسُ المُحْرِمِ المنْطَقةِ

وقع فيه قول سعيد بن المسيُّب في المنطقة: «إذا جعل في طرفيها جميعًا سورة».

هكذا في الأصل وفي نسخة صحيحة «سيورة» بهاء تأنيث في آخره، وهو جمع سير، وهو القيد من الجلد الذي يشدُّ به. وفي معظم النسخ سيورًا بدون هاء تأنيث.

<<  <   >  >>