للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا يُكْرَهُ مِنَ الشَّيْءِ يُجْعَلُ فِي سَبِيلِ الله

أراد بالكراهة التحريم. ومعلوم أنَّ التحريم إذا أضيف إلى اسم عين كان المراد تحريم استعماله فيما يقصده الناس من العمل كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] أي: أكلها، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] أي: تزوجهنَّ. و (من) بيان لـ (ما). وجملة «يُجعل» صفة للشَّيء، فالتقدير: كراهة الشيء المجعول في سبيل الله، أي: كراهة استعماله في غير ما جعل له. وبذلك يظهر وجه تخريج الأثر عن عمر هنا؛ لأنَّ عمر لما جعل البعير يحمل الرجلين إلى العراق في الغزو كان شديدًا في أن يسمح بجعل رجلاً واحدًا؛ فلذلك منعه الرجل الذي أراد أن يحتال، فيأخذ بعيرين للغزو ليكون ذلك أوسع له في حمل متاعه، فلم يسمح لع عمر بذلك؛ لأنَّه تجاوز الشرط المجعول من الإمام المبنيَّ على رعي المصلحة في حمل الجيش.

فليس على هذه الترجمة خلل. ويظهر أنَّ ابن عبد البرِّ رآها مُقَصِّرة. أما ابن العربي فقال في «ترتيب المسالك»: والصّحيح من هذه الترجمة ما في «كتاب ابن بكير» فإنَّه قال في هذه الترجمة «باب ما يكره من الرجعة في شيء يحمل عليه في سبيل الله» وتابعه عليه القعنبي، وذكر حديث الفرس الذي حمل عليه عمر في سبيل الله، ثمَّ أراد يبتاعه اهـ. وأين يقع هذا الأثر المرويُّ عند يحيى، وقد قال ابن عبد البرِّ: إنَّ ابن بكير، والقعنبي ذكرًا أثر عمر هذا عقب حديث الفرس، فيكون إدخال هذا الأثر تحت تلك الترجمة لا وجه له، وقد علمت ما يغنيك عن هذا.

<<  <   >  >>