للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة رضي الله عنها أن الفجر لا يقرأن في ركعتيها بالسورة من قِصر قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها؛ إذ قالت: فصلى ركعتين خفيفتين، حتى قُلت: هل قرأ بأم القرآن؟ وبذلك التقدير علم المسلمون قراءة السورة لا في الأولين من الصلاة السرية.

فإن قلت: ما بال ما بعد الركعتين الأوليين لا يقرأ فيه سورة مع القرآن؟

قلت: شأن الشريعة التخفيف في مظنة ابتداء الملل، فإن كل عمل يكون آخره أثقل على النفس من أوله، ولذلك لما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الكسوف، قام وركع وسجد في الركعة الثانية دون طول ما في الركعة الأولى؛ ولذلك أيضًا جعلت صلاة الجمعة ركعتين تخفيفًا من ملل النفوس، من أجل حضور الخطبتين فيما نظن؛ ولذلك أيضًا كانت القراءة فيما زاد على الركعتين بالفاتحة فقط، ويؤيد ذلك أن الصحيح أن الصلاة فُرضت أول الأمر ركعتين، ثم زيد في بعضها ركعتان أو ركعة، فروعي التخفيف في تلك الزيادة رفقًا بالأمة؛ لقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} [البقرة: ١٨٥].

[العمل في القراءة]

مالكٌ عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أنه قال: قُمت وراء أبي بكرٍ، وعمر وعثمان، فكُلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة.

هذا يدل على أن سنة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مدينته، عدم قراءة البسملة في الصلاة، وقد علم ذلك من الصلوات الجهرية، وعدم قراءتها يدل على أنها ليست من الفاتحة ولا من غيرها من سور القرآن، سوى أنها جزء آية من سورة النمل. ولا وجه لما تأول به بعض الشافعية من أن عدم الجهر بها، لا يدل على عدم قراءتها؛ إذ لو كانت من الفاتحة ولم يجهر بها، لكان بعض السورة جهرًا وبعضها سرًا ولا يعرف

<<  <   >  >>