للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا جَاءَ فيمَنْ نَذَرَ مَشْيًا إِلَى بَيْتِ اللهِ

قوله: وسمعتُ مالكًا يقول: الأمر عندنا فيمن يقول: علي مشي إلى بيت الله أنه إذا عجز ركب ثم عاد يمشي من حيث عجز، فإن كان لا يستطيع المشي فليمش ما قدر عليه، ثم ليركب وعليه هدي: بدنة أو بقرة أو شاة إن لم يجد إلا هي.

فقوله: «إن لم يجد إلَّا هي»، أي: إلا شاة يقتضي أنه لا ينتقل إلى هدي الشاة إلَّا عند العجز عن البدنة والبقرة. ومعنى ذلك أن البدنة والبقرة أفضل من الشاة، وهو الحكم في الهدايا. وليس معناه أن الشاة لا تجزئ إن استطاع بدنة أو بقرة.

وقوله: «إن لم يجد إلَّا هي» أورد عليه الحافظ عبد الحي اللكنوي الهندي نزيل المدينة المنورة: أن الوجه أن يقول: إن لم يجد إلَّا إياها؛ لأنَّه استثناء مفرغ؛ فيكون المستثنى بحسب ما يقتضيه العامل الذِي قبله، والعامل يقتضي نصب ضمير الشاة. وقد أجاب عنه الشيخ البرزنجي المدني باحتمالات ضمنها تأليفًا له صغيرًا سماه (إصابة شاكلِة الداهي إعراب قول الموطإ إن لم يجد إلَّا هي) هي الآن غير حاضرة لديَّ. وأذكر أنَّي طالعتها فرأيت فيها تطويلاً، ورأيت الجواب فيها ضئيلاً. وقد أجاب استأذنا المحقِّق الشيخ سالم أبو حاجب رحمه الله قبله بوجهين: أحدهما: أن يكون هذا من إنابة ضمير الرفع عن ضمير النصب كقراءة من قرأ: «إيَّاك يُعبد» بصيغة المجهول في (يعبد) وقد خرج ابن مالك عليه ما وقع في المسألة الزنبورية من قولهم: فإذا هُو إيَّاها، والقياس أن يقولوا: فإذا هو هي. والوجه الثاني: أن يكون هذا الكلام خارجًا على التوهُّم، وهو غور من أغوار العربية فيكون رفع الضمير على توهُّم أنَّه بعد أن قال: إن لم يجد، أي: الناذر خطر بباله معنى أن لم يوجد؛ فرفع الضمير على

<<  <   >  >>