للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: لقد أسمعت لو كان الذين تناديهم يجيبون الداعي، ولكنَّهم كالأموات. فالتكبير هنا مكنية؛ لأنَّه من لوازم من مات بحدَثان موت. والمقصود من التكبير التعليم، وتأديب القبيلة، وإيقاظها إلى مساوي آحادها ليرجعوا عليهم باللائمة والغضب فيرتدعوا، وليعلموا أن حراسة حقوق الله تعالى، ورعى آداب الإسلام أوكد وأولى من حراسة حقوق الناس، فإنهم من قبل الإسلام كانوا يصدون سفهاؤهم عن ارتكاب المحارم خشية المغارم. فحقوق الله أولى بالعناية المشتهرين بها من عهد الجاهلية. وذلك مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن صوم كان على أبيه: «ضم عنه أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ فدين الله أحق بأن يقضى»؛ فإنه تنبيه إلى العناية بحقوق الله وأن لا يستخف بها؛ لأن ذلك يجر إلى تضييعها. وليس في ذلك التكبير إشارة إلى حكم شرعي يتعلق بالقبيلة؛ إذ لا تزر وازرة وزر أخرى خلافًا لما ذهب إليه الباجي وابن عبد البر فيما نقله الشارح الزرقاني، ومثله سلك ابن العربي في «ترتيب المسالك» وفي «القبس».

***

ووقع فيه قول ابن عباس:

«ولا حكم قوم بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الدم».

أي: فشا فيهم الاعتداء بقتل بعضهم بعضًا. فالدم يطلق على إصابته، ومنه ما في خطبة حجَّة الوداع، «وإن دمَاء الجاهلية موضوعةٌ».

<<  <   >  >>