وبقي الكلام فيما لو زعم الزوج أن حملاً بزوجه ليس منه، وهذا قد وقع في شأنه تعارض بين الآثار المروية من السنة؛ فوقع في حديث نافع عن ابن عمر من «الموطإ»: «أن رسول الله فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بأمه». ووقع في «الصحيحين» في حديث عويمر العجلاني من طريق ابن جريج، وطريق يونس عن ابن شهاب عن سهل بن سعد زيادة قوله:«فكانت المرأة حاملاً؛ فكان ابنها يدعى إلى أمه، ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها»؛ فأما هذه الزيادة التي في حديث ابن شهاب من طريقي ابن جريج ويونس فهي زيادة مجملة؛ لأن مبنى قضية عويمر العجلاني على دعواه أنه رأى امرأته تزني، وأن اللعان الذي جرى بينهما لدفع الحد عنه، وأن ذلك اللعان جرى على حكم آية سورة النور المقتصر على أن المقصود من اللعان درء حد القذف؛ وبذلك جاءت الروايات المعروفة في حديث عويمر العجلاني. فهذه الزيادة إذا قبلناها وقلنا هي زيادة عدل ولم نأخذ بشرط من اشترط في قبول زيادة العدل أن يُعلم اتحاد المجلس وأن لا يكون أمثال الراوي الذي لم يرو الزيادة ممن يغفل عن مثلها ولم نرجح رواية مالك عن ابن شهاب الحديث بدون هذه الزيادة بأن مالكًا أثببت من يونس وابن جريج، وهو في أحاديث ابن شهاب أثبت الناس؛ لأنه كان ألزم له، فهي غير مفيدة
حكمًا في شأن انتفاء نسب الولد من الزوج الملاعن؛ إذ قصاراه أن الناس كانوا يدعون ذلك الولد إلى أمه، وليس في دعاء الناس إياه بذلك حجةٌ شرعية؛ لعلهم دعوه بذلك؛ إذ لم يعلموا أباه؛ لأنه نشأ عند أمه ومن شأنها أن تكون ساخطة على أبيه فلا تذكره لابنها، ومن شأن أبيه إذ ادعى ما ادعى أن لا يتتبع مصير ذلك الولد. ولا يمكن أن نعرف انتفاء نسب الولد من ذلك الملاعن إلا لو روي في ذلك تنازع بين المرأة وزوجها في خصوص النسب، أو تنازع في ذلك بين الولد وأبيه.
وكذلك قول الراوي:«ثم جرت السنة أنه يرثها» لا يفيد أكثر من كون ولد اللعان لاحقًا بأمه وأن اللعان لا يجعله غير معتدٍّ ببنوته منها ولو نكلت عن الأيمان، وكذلك ولد الزنا يرث أمه التي حملت به من زنى وترثه.
والحاصل أن ليس في تلك الزيادة دليل من منطوق ولا مفهوم ينفي الولد من أبيه باللعان أو ينفي إرثه أباه الذي لاعن به.