«أن أبا هُريرة قال: خرجت إلى الطُّور فلقيت كعب الأخبار» إلخ.
الظاهر أن أبا هريرة كان في بيت المقدس زائرًا؛ فخرج إلى الطور مهبط الوحي على موسى - عليه السلام - بنية القربة بالصلاة فيه، كما يدل عليه قوله بعد:«فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري أو أبا بصرة بن بصرة، كما صوبه أبو عمر بن عبد البر. فإن أبا بصرة قال له: «لو أدركتُك قبل أن تخرج إليه ما خرجت» إلخ.
ولم ينكر عليه أبو هريرة ولا اعتذر بما يدفع اعتراض أبي بصرة.
ويحتمل عندي أن من أغراض أبي هريرة في الخروج إلى الطور أن يلقى كعب الأحبار، فقد جاء في ترجمة أبي هريرة: أنه كان يحب معرفة ما في التوراة، كما ذكره في «الاستيعاب»«والإصابة»، والظاهر أنه لقي كعب الأحبار في الطور قبل إسلام كعب الأحبار، وأن كعبًا كان مجاورًا بالطور أو كان في مسجد لليهود هنالك. ومما يدل على أن كعبًا كان يومئذٍ قبل أن يسلم قوله في الخبر: فقرأ كعب التوراة، فقال: صدق رسول الله؛ وتصديقه رسول الله لا ينافي أنه كان قبل أن يسلم؛ لأنه قد يكون قد ابتدأ انشراح صدره للإسلام، أو قد يكون من اليهود الذين لا ينكرون رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يخصونها بالعرب، فقد قال ابن صياد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال له:«أتشهد أني رسول الله؟ »: أشهد أنك رسول الأميين، وعلى هذا المذهب نشأ اليهود العيسوية بأصبهان، وهم أصحاب أبي عيسى الأصبهاني اليهودي، وكان كعب من أكبر أحبار اليهود، وهو كعب بن ماتع الحميري، والأحبار بفتح الهمزة: لغة في الحبر، فهو وصف مثل أمشاج، وثوب أخلاق، وبناءٍ أنقاض، وغزل أنكاث؛ فيجعل وصفًا جاريًا على اسم كعب، يعرب إعراب النعت. وليس المراد به هنا جمع حبر، كقوله تعالى:{وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ}[المائدة: ٤٤]. وربما قالوا: كعب الحبر. أسلم كعب في خلافة عمر، وكان عمر يقربه إليه.
ووقع فيه قوله «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجُمعة».
هكذا ثبت في رواية يحيى «طلعت عليه»، وتعدية فعل طلع بحرف (على)