للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرفع فيدل على أن المراد اللساني من قبيل:

وخير ما فسرته بالوارد

قاله أستاذنا الأمير.

(فعل) المراد الفعل اللغوي ليشمل ما قاله من الاعتقاد ولو على أنه كيف أو انفعال (ينبئ عن كونه المنعم) على الحامد أو على غيره على المشهور وسواء كان ذلك الفعل (اعتقاداً أو إقراراً باللسان أو عملاً بالجوارح فالحامد أعم) من الشاكر وقد بسط الكلام على وجه التحرير شيخنا العلامة الأمير فيما حققه على مقدمة الفاضل الصبان فعليك بها.

(فأهل الشكر صفوة الله تعالى) اصطفاهم وخلصهم من كدر القلب ويقال لهم: صوفية: من صفا يصفو إذا خلص، أو من صوفي إذا صافاه غيره، أو نسبة للبس الصوف؛ لأنه شأنهم تباعداً عن الترفه قال [١] أبو العباس المرسي: الصوفي مركب من حروف أربعة فالصاد صبره وصدقه وصفاؤه والواو وجده ووده ووفاؤه والفاء فقده وفقره وفناؤه والياء للنسبة إذا تكمل نسب إلى حضرة مولاه، وقال علي رضي الله عنه: ليس معنى قولهم لا يكون الصوفي صوفياً حتى لا يكتب عليه كاتب الشمال شيئاً عشرين سنة أن لا يحصل منه ذنب، بل كلما أذنب تاب قبل مضي مدة الإمهال: أي أنه لا قرار له على المعصية (من عباده وهم المقربون) قرباً معنوياً.

(ويجب الأمر بالمعروف) قولاً وفعلاً ثم إن كان بالقلب ففرض عين

ــ

قوله: [بالرفع]: أي فيراد به هذا اللفظ.

قوله: [فيدل على أن المراد اللساني]: أي وهو اللغوي.

قوله: [ولو على أنه كيف]: ما قبل المبالغة هذا إذا مررنا على أنه فعل بل ولو مررنا على أنه كيف أو انفعال، والفرق بين الفعل والانفعال والكيف أن الفعل الإيجاد، والانفعال التأثر، والكيف الأثر الناشئ عنهما، ومثلوا الثلاثة بوضع الخاتم ملوثاً بالحبر في الكاغد فالوضع فعل، وانطباع الكاغد بالوضع انفعال، والأثر الذي يظهر ويقرأ كيف فعلي. كلام الشارح يقال للكل فعل لغوي.

قوله: [على المشهور]: راجع لقوله أو غيره فلا يشترط كون النعمة التي وقع الحمد في مقابلتها واصلة لخصوص، الحامد، وإنما المدار على كونه منبئاً بكونه منعماً على القول المشهور، ومقابله يخصها بالحامد فيكون على مقابله مرادفاً للشكر اللغوي.

قوله: [اعتقاداً]: أعربه الشارح خبراً لكان المحذوفة.

قوله: [فالحامد]: أي بالمعنى الاصطلاحي.

وقوله: [أعم من الشاكر]: أي بالمعنى الاصطلاحي أيضاً. وأما النسبة بين الحمد الاصطلاحي والشكر اللغوي فإما الترادف أو العموم والخصوص المطلق.

قوله: [على مقدمة الفاضل الصبان]: أي في الكلام على البسملة والحمدلة.

قوله: [صفوة الله]: هو مصدر لصفا فهو على حد ما قيل في زيد عدل.

قوله: [من صفا يصفو إذا خلص]: وهو المتبادر من عبارة المصنف.

قوله: [أو من صوفي إذا صافاه غيره]: أي وقد أفاد هذا المعنى بعض العارفين بقوله:

صافى فصوفي لهذا سمي الصوفي

قوله: [تباعدا عن الترفه]: علة لكونه شأنهم فهو علة للعلة.

قوله: [قال أبو العباس] هكذا كنيته واسمه أحمد بن عمر الأنصاري والمرسي نسبة لمرسية قرية بالأندلس ولد بها وتوفي بثغر إسكندرية عام ستمائة وسبعة وثمانين، وهو خليفة القطب الكبير أبي الحسن الشاذلي ووارث حاله وسلك بصحبته جماعة كثيرون منهم: التاج السكندري، وسيدي ياقوت العرشي، وابن النحاس النحوي، والبوصيري وغيرهم.

قوله: [فالصاد صبره] إلخ: هذه المعاني إشارية والصبر عندهم حبس النفس عن رؤية الغير.

وقوله: [وصدقه]: هو التبري من الحول والقوة.

وقوله: [وصفاؤه]: أي خلوص سريرته من الكدرات البشرية.

قوله: [وجده]: الوجد هو تلهب القلب للقاء المحبوب.

قوله: [ووده]: أي وهو الحب وعلامته بذل النفس فيما يرضي محبوبه وكثرة لهجه بذكره.

قوله: [ووفاؤه]: أي بالعهد المأخوذ يوم {ألست بربكم} [الأعراف: ١٧٢] بقيامه بوظائف العبودية.

قوله: [فقده]: الفقد حالة تعرض للعبد عند غلبة التوحيد على قلبه فيفنى عن رؤية الأحوال.

وقوله: [وفقره]: أي خلو قلبه من رؤية الكونين وهو الوصف الذاتي للعبد.

وقوله: [وفناؤه]: وهو عدم شعوره بشيء سوى مولاه، وأقسامه ثلاثة فناء في شهود الأفعال فلا يرى فعلاً إلا لله، وفناء في شهود الصفات فلا يرى إلا صفات الله، وفناء في شهود الذات فلا يرى إلا ذات الله، وهذا الأخير يكون للأنبياء ولكبار الأولياء.

قوله: [قبل مضي مدة الإمهال]: أي وهي ست ساعات يقول فيها كاتب اليمين لكاتب الشمال أمهله لعله يتوب.

قوله: [من عباده]: متعلق بصفوة أي اصطفاهم وخلصهم الله دون سائر عباده وهم الذين قال فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الحجر: ٤٢] ويقال لهم عباد العبودية.

قوله: [ثم إن كان بالقلب ففرض عين]: أي على كل مكلف؛ لأن بغض المخالفات وحب الطاعات من أصل الإيمان قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} [الحجرات: ٧] الآية وصفة تغيير القلب إذا رأى منكراً أن يقول لو كنت أقدر على تغييره لغيرته، وإذا رأى معروفاً ضاع. يقول في نفسه لو كنت أقدر على الأمر به لأمرت به، وقدم الأمر بالمعروف؛ لأن الله قدمه في آيات كثيرة منها قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وقال).

<<  <  ج: ص:  >  >>