للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(باب)

ذكر فيه أحكام السرقة وتعريفها

فقال: (السرقة): التي يترتب عليها القطع (أخذ مكلف): من إضافة المصدر لفاعله (نصاباً) مفعول المصدر، وسيبينه بقوله: "والنصاب" إلخ (فأكثر) من نصاب (من مال محترم لغيره): سيذكر رضي الله عنه المحترزات موضحة، ويدخل في المحترم: مال الحربي الذي دخل بأمان، فيقطع سارقه. (بلا شبهة قويت) للسارق. وليس من الشبهة السرقة من سارق، بل الشبهة ما ذكره في المحترزات. فمن سرق نصاباً ثم سرقه منه آخر فإنهما يقطعان. (خفية؛ بإخراجه من حرز غير مأذون فيه): أي في دخوله. وهذا إذا خرج السارق بالنصاب بل. (وإن لم يخرج هو): فالمدار على إخراج النصاب دخل السارق الحرز أم لا، خرج -إذا دخل- أم لا. (بقصد واحد) شمل ما إذا سرق أقل من نصاب وكرر الأخذ بقصد واحد حتى كمل النصاب، فيقطع كما في سماع أشهب. (أو حراً) عطف على "نصاباً" أخرجه من بيته إن كان لا يخرج منه أو من البلد، إن كان يخرج من البيت، أو سرقه من كبير حافظ له وسواء كان ذكراً أو أنثى (لا يميز لصغر أو جنون فقطع [١] يده اليمنى): من الكوع، لما بينه صلى الله عليه وسلم من عموم الآية. وظاهره: ولو أعسر، لكن الذي في المجموع والحطاب والأجهوري: يبدأ بقطع يده اليسرى (إلا لشلل): باليمنى أو قطع بسماوي أو قصاص سابق (أو نقص أكثر الأصابع) من اليمين كثلاثة (فرجله اليسرى): أي فينتقل الحكم لقطع رجله اليسرى، وتكون ثانية المراتب. وهذا هو المذهب.

ثم إن سرق بعد قطع رجله اليسرى: (فيده) اليسرى تقطع ثم إن سرق (فرجله) اليمنى. (ثم) إن سرق سالم الأعضاء

ــ

بفسقه، وأما في التعريض فلا يحد الأبوان اتفاقاً واستشكل تفسيقه على القول بجواز حده لهما لأنه لم يفعل حراماً. وأجيب بأن المراد بتفسيقه عدم قبول شهادته وهذا يحصل بارتكاب مباح يخل بالمروءة كأكل في سوق لغير غريب.

[باب ذكر فيه أحكام السرقة إلخ]

هي بفتح السين مع كسر الراء ويجوز إسكانها يقال سرق بفتح الراء يسرق بكسرها سرقاً بسكون الراء وسرقة بكسرها وفتح القاف فهو سارق والشيء مسروق وصاحبه مسروق منه.

قوله: [أخذ مكلف]: أي بالغ عاقل وهو تعريف لها بالمعنى المصدري، ولو عرفها بالمعنى الاسمي لقال نصاب مأخوذ من المال إلخ أو صبي إلخ.

قوله: [فيقطع سارقه]: أي إن استوفى شروط القطع.

قوله: [ما ذكره في المحترزات]: أي في قوله "وإلا إن قويت الشبهة كوالد" إلخ.

قوله: [ثم سرقه منه آخر]: أي بأن أخرجه الثاني من حرز السارق بعد أن أخرجه السارق من حرز صاحبه.

قوله: [أم لا]: أي أم لم يدخل كما إذا أخرجه بعصا وهو خارج الحرز.

قوله: [خرج إذا دخل أم لا]: أي أم لم يخرج كما إذا رمى لغيره وأمسك وهو داخل الحرز.

قوله: [وكرر الأخذ بقصد واحد]: أي إذا أدخل يده في صندوق وصار يأخذ نصفاً بعد نصف حتى كمل النصاب، فإن كان قصده من أول الأمر تكميل النصاب قطع وإلا فلا وهذا القصد لا يعلم إلا منه.

قوله: [أو حراً]: أي حياً بدليل ما يأتي، وأما العبد فقد دخل في قوله: "نصاباً" لأنه مال فينظر لقيمة العبد المسروق، فإن كانت قدر النصاب قطع وإلا فلا، وأما الحر فيقطع سارقه ولا ينظر لقيمته.

قوله: [أو من البلد] إلخ: محله إن كان يمشي في جميعها عادة، فإن كان البلد كبيراً وشأنه لا يخرج من ناحية مخصوصة فإخراجه من تلك الناحية لجهة أخرى يعد سرقة.

قوله: [وسواء كان ذكراً أو أنثى]: تعميم في الحر المسروق.

قوله: [فتقطع يده اليمنى]: الضمير عائد على المكلف السارق للنصاب أو الحر، وسواء كان ذلك المكلف مسلماً أو كافراً حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى.

قوله: [من عموم الآية]: أي وهي قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨] فالآية شاملة لليمنى واليسرى من الكوع أو غيره.

قوله: [لكن الذي في المجموع]: استدراك على قوله "ولو أعسر"، وما حكاه عن المجموع و (ح) والأجهوري أصله للخمي، وكتب الشيخ عبد الله عن شيخه سيدي محمد الزرقاني أن ما قاله اللخمي هو المذهب، قال في حاشية الأصل: والظاهر أن كلام اللخمي محمول على أعسر لا يتصرف باليمين إلا نادراً بدليل ما يأتي في الشارح، وأما الأضبط فتقطع يمناه اتفاقاً.

قوله: [إلا لشلل باليمنى]: أي لفساد فيها وظاهره ولو كان ينتفع بها وهو كذلك خلافاً لابن وهب لكنه مقيد بما إذا كان الشلل بيناً أما إذا كان خفيفاً فلا يمنع القطع قاله (ح).

قوله: [أو قطع بسماوي] إلخ: أي وأما لو قطعت بسرقة سابقة فإنها تقطع رجله اليسرى اتفاقاً. والحاصل أنه إن كانت يده اليمنى بها شلل أو قطع بسماوي أو قصاص أو نقص لأكثر الأصابع فالراجح أنه تقطع رجله اليسرى لا يده اليسرى، وإن كانت يده اليمنى قطعت بسرقة سابقة قطعت رجله اتفاقاً.

قوله: [وتكون ثانية المراتب]: أي بأن ينزل منزلة من قطعت يده اليمنى لسرقة ثم عاد للسرقة.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فتقطع)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>