للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) كره (نبذ) لشيء من الفواكه ولو مفرداً كزبيب فقط (بدباء): وهو القرع (وحنتم): وهي الأواني المطلية بالزجاج الأخضر أو الأصفر أو غيرهما من كل ما دهن بزجاج ملون (ومقير): أي مطلي بالقار أي الزفت (ونقير) أي منقور: وهو ما نقر من الأواني من جذوع النخل. وإنما كره النبذ في هذه الأربعة؛ لأن شأنها تعجيل الإسكار لما نبذ فيها بخلاف غيرها من الأواني.

(والمحرم) من الأطعمة والأشربة: (ما أفسد العقل) من مائع كخمر أو جامد كحشيشة وأفيون وتقدم الكلام عليهما لأن حفظ العقل واجب، (أو) أفسد (البدن) كالسميات (والنجس) كدم وبول وغائط وميتة حيوان له نفس سائلة إلا ما اضطر إليه كما تقدم.

(وخنزير وحمار) إنسي أصالة بل (ولو) كان (وحشياً دجن) أي تأنس ولا ينظر حينئذ لأصله، فإن توحش بعد ذلك أكل وصارت فضلته طاهرة (وبغل وفرس وميتة) ما ليس له نفس سائلة (كجراد) وخشاش أرض، وإن كانت ميتته طاهرة إذ لا يباح إلا بذكاة كما تقدم والله أعلم.

[باب في حقيقة اليمين وأحكامه]

اليمين في العرف: الحلف، وهو قسمان:

الأول: تعليق طاعة أو طلاق على وجه قصد الامتناع من فعل المعلق عليه، أو الحض على فعله، نحو: إن دخلت الدار أو إن لم أدخلها فطالق؛ والأول يمين بر، والثاني يمين حنث.

والثاني قسم بالله أو بصفة من صفاته.

وأشار للقسم الأول بقوله: (تعليق مسلم) لا كافر -ولو كتابياً- فلا يعتبر تعليقه ولا يلزمه إن حنث شيء ولو أسلم بعد التعليق. (مكلف) لا غيره: كصبي ومجنون ومكره فلا يلزمه شيء بتعليقه.

(قربة) مفعول تعليق المضاف لفاعله: أي أن يعلق المسلم المكلف قربة كصلاة أو صوم أو مشي لمكة أو عتق عبد. (أو) تعليق (حل عصمة) كطلاق حقيقة: كإن دخلت الدار

ــ

جائزاً، كما أن اللبن المخلوط بالعسل كذلك.

قوله: [وكره نبذ لشيء] إلخ: إنما خص هذه الأربعة لورود النهي عن النبذ فيها في الحديث الصحيح الوارد في البخاري وغيره.

قوله: [إنسي أصالة] أي فيحرم أكله ولو توحش استصحاباً لأصله.

قوله: [ولا ينظر حينئذ لأصله] أي حيث تأنس الوحشي فيحرم أكله، واعتد بالعارض احتياطاً للتحريم.

قوله: [وبغل وفرس] أي إنسيين ولو توحشاً فما قيل في الحمار يقال فيهما.

تتمة: يحرم أكل ابن عرس لعمى آكله كما قاله الشيخ عبد الرحمن، ويحرم الطين والتراب للضرر وقيل يكرهان. ويحرم الوزغ للسم، ولا يجوز أكل مباح ولده محرم كشاة من أتان ولا عكسه كأتان من شاة، وأما نسل ذلك المباح الذي ولده المحرم فيؤكل حيث كان مباحاً لبعده كما أفاده المجموع والحاشية.

باب في حقيقة اليمين وأحكامه [١]

لما كانت اليمين تشتمل على بر تارة وحنث أخرى ناسب أن يذكرها عقب باب المباح والمحرم، وهو باب ينبغي الاعتناء به لكثرة وقائعه وتشعب فروعه. واليمين والحلف والإيلاء والقسم: ألفاظ مترادفة وهي مؤنثة، في الحديث: «من اقتطع مال مسلم بيمين كاذبة أدخله الله النار، فقيل له ولو شيئاً قليلاً؟ قال ولو قضيباً من أراك» وتجمع على أيمان وعلى أيمن، وهي في اللغة مأخوذة من اليمين الذي هو العضو، لأنهم كانوا إذا تحالفوا وضع أحدهم يمينه في يمين صاحبه، فسمي الحلف يميناً لذلك، وقيل اليمين: القوة، ويسمى العضو يميناً لوفور قوته على اليسار؛ ولما كان الحلف يقوي الخبر على الوجود أو العدم سمي يميناً. فعلى هذا التفسير تكون الالتزامات كالطلاق والعتاق وغيرهما داخلة في اليمين، وعلى هذا مشى المصنف فأدخلها وصدر بها بخلافها على الأول، والمراد بحقيقة اليمين تعريفه، والمراد بأحكامه: ما يترتب عليه من كفارة وغيرها، وتذكير المصنف الضمائر العائدة على اليمين باعتبار معناه وهو الحلف وإلا فهي مؤنثة كما علمت في الحديث.

قوله: [في العرف]: أي وأما في اللغة فقد تقدم.

قوله: [وهو قسمان]: بل ثلاثة لأن الأول متنوع إلى قسمين، وهذا هو رأي ابن عرفة، وأما غيره فيجعل التزام الطاعة من قبيل النذر وإن لم يكن قاصد التقرب كما سيأتي في النذر، ويسمى حينئذ بنذر اللجاج.

قوله: [نحو إن دخلت الدار]: مثال لقصد الامتناع، وقوله أو إن لم أدخلها مثال للحض ففيه لف ونشر مرتب.

قوله: [يمين بر]: أي لأنه على بر حتى يفعل المحلوف عليه، وقوله الثاني: يمين حنث: أي لأنه إن لم يفعل يكون حانثاً وسيأتي ذلك.

قوله: [قسم بالله]: أي باسم دال على ذاته العلية كان لفظ الجلالة أو غيره، وقوله أو بصفة من صفاته أي غير الفعلية وسيأتي ذلك.

قوله: [فلا يعتبر تعليقه]: أي لأن من شروط صحة الالتزامات الإسلام، ولو قلنا: إن الكافر مخاطب بفروع الشريعة.

قوله: [فلا يلزمه شيء بتعليقه]: الضمير عائد على غير المكلف الشامل للصبي والمجنون والمكره، ونفي اللزوم كمن ذكر ولو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو زال الإكراه قبل حصول المعلق عليه نظير ما قاله في الكافر، لأن


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (في حقيقة اليمين وأحكامه) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>