للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا كلام للعامل حيث لم يسمع قول ربه، بخلاف ما إذا سمعه سمى شيئاً ولو بواسطة فله ما سماه ولو زاد على قيمة العبد مثلاً؛ لأن ربه ورطه.

(وإلا) يكن من لم يسمع معتاداً لطلب الضوال (فالنفقة) فقط: أي فله ما أنفقه عليه من أكل وشرب وركوب احتاج له وما أنفقه العامل على نفسه زمن تحصيله أو على دابته ولا جعل له.

(وكل ما جاز فيه الجعل): كحفر بئر بموات، وبيع ثوب أو شرائه، وحمل خشبة لمكان أو حمل شيء بسفينة، واقتضاء دين، ونحو ذلك (جازت فيه الإجارة) بشرطها (ولا عكس): أي ليس كل ما جازت فيه الإجارة تجوز فيه الجعالة، كخياطة ثوب، وخدمة شهر، وبيع سلع كثيرة، وحفر بئر يملك، وسكنى بيت، فالإجارة أعم باعتبار المحل، وقيل: بل بينهما العموم الوجهي لانفراد الجعالة فيما جهل حاله ومكانه كالآبق. وأجيب: بأن ما جهل تجوز فيه الإجارة بشرط العلم واستبعد فتدبر.

(وفي) الجعالة (الفاسدة) لفقد شرط (جعل المثل) إن تم العمل لا أجرته رداً له إلى صحيح نفسه. فإن لم يتم العمل فلا شيء فيه هذا هو المشهور. (إلا) أن تقع الجعالة (بجعل مطلقاً) تم العمل أو لم يتم، كأن يقول له: إن أتيتني بعبدي الآبق فلك كذا، وإن لم تأت به فلك كذا (فأجرته): أي فله أجرة مثله تم العمل أم لا لخروجهما [١] حينئذ عن حقيقتها، لأن سنتها أنه لا جعل إلا بتمام العمل، والله أعلم.

ولما كان موات الأرض يشبه الشيء الضائع وإحياؤه يشبه الجعالة أتى به بعد الجعالة فقال:

[(باب إحياء الموات)]

من الأرض أي: في بيان إحياء الموات وأسبابه وأحكامه. ولما كان ذلك يتوقف على بيان الموات بينه بقوله

(موات الأرض): أي الموات منها

ــ

لربه أن يتركه له في هذه الحالة كما يؤخذ من (بن).

قوله: [ولا كلام للعامل]: مرتب على قوله فله أن يتركه له، ومعناه حيث لم يسمع العامل المعتاد لطلب الإباق قول ربه من يأتيني بعبدي الآبق فله كذا وأتى به فاختار ربه تركه فليس للعامل كلام بحيث يقول: لا آخذ إلا جعل المثل.

قوله: [لأن ربه ورطه]: أي أوقعه في التعب.

قوله: [فالنفقة فقط]: أي وإن شاء تركه له.

قوله: [ولا جعل له]: أي أجرة زائدة على ما أنفقه العامل في تحصيله.

قوله: [بشرطها]: أي بشروطها فهو مفرد مضاف فيعم.

قوله: [كخياطة ثوب] إلخ: أي فلا يصح في العقد على تلك المسائل أن يكون جعالة؛ لأنه إذا لم يحصل تمام انتفع رب الشيء وضاع عمل العامل هدراً في الجميع وهو من أكل أموال الناس بالباطل.

قوله: [وبيع سلع كثيرة]: كلام الشارح يوهم جواز الجعل على بيع السلع القليلة والحق أنه لا فرق بين القليلة والكثيرة في أنه متى انتفع الجاعل بالبعض بأن دخلا على أن العامل لا يستحق شيئاً إلا بالتمام منع الجعل كانت السلع قليلة أو كثيرة، كما قال ابن رشد في المقدمات كذا في (بن).

قوله: [باعتبار المحل]: أي الذي تعلقا به، وأما باعتبار حقيقتهما ومفهومهما فمتباينان.

قوله: [وقيل] قائله الأجهوري.

قوله: [واستبعد]: أي بأن هذا التوجيه لا يتم؛ لأن الجعالة لم تنفرد عن الإجارة بمحل وما جهل حاله ومكانه كما يصح فيه الجعل تصح فيه الإجارة كأن يؤاجره على التفتيش على عبده الآبق كل يوم بكذا أتى به أم لا.

والحاصل: أن العقد على الآبق إن كان على الإتيان به وأنه لا يستحق الأجرة إلا بالتمام فهو جعالة، وإن كان على التفتيش عليه كل يوم بكذا أتى به أم لا فهو إجارة، فالحق ما في المدونة من أن بينهما عموماً وخصوصا مطلقاً وأن الإجارة أعم.

قوله: [رداً له إلى صحيح نفسه]: أي الذي لم يكن فيه مسمى والأولى تأخيره عن قوله، فإن لم يتم العمل إلخ لأجل أن يكون راجعاً للأمرين.

قوله: [هذا هو المشهور]: ومقابله له أجر مثله تم العمل أم لا.

قوله: [لخروجها حينئذ عن حقيقتهما [٢]]: أي ومتى خرج عن حقيقة الباب كان فيه أجرة المثل كما تقدم نظيره في القراض والمساقاة.

تتمة: لو كان الجعل عيناً ذهبا أو فضة معينة امتنع وللجاعل الانتفاع بها ويغرم المثل إذا حصل المجاعل عليه وإن كان مثلياً أو موزوناً لا يخشى تغيره إلى حصول المجاعل عليه أو ثوباً جاز ويوقف، وإن خشي تغيره كالحيوان امتنع للغرر. كذا يؤخذ من الخرشي نقلاً عن اللخمي.

قوله: [يشبه الشيء الضائع]: أي من حيث عدم الانتفاع بكل، وقوله وإحياؤه يشبه الجعالة أي من حيث تحصيل ما ينتفع به.

باب إحياء الموات

باب: الموات بضم الميم قال الجوهري هو الموت، وبفتحها ما لا روح فيه وأيضاً هو الأرض التي لا مالك لها ولا ينتفع بها. اهـ، وقد علمت ضبط الموات هنا بأنه بفتح الميم وأنه من الألفاظ المشتركة.

قوله: [أي في بيان إحياء الموات]: المراد: بيان الحقيقة في قوله: ما سلم عن اختصاص ... إلخ.

وقوله: [وأسبابه]: أي السبعة الآتية في قوله والإحياء بتفجير ماء ... إلخ.

وقوله: [وأحكامه]: أي مسائله التي احتوى عليها الباب والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له».

قوله: [أي الموات منها]: أشار بذلك


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لخروجها)، ولعلها الصواب.
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (حقيقتها).

<<  <  ج: ص:  >  >>