للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فيمضي إن لم يعلم) الزوج (به حتى بانت) منه (أو مات أحدهما كعبد) تبرع بعتق أو غيره ولم يعلم سيده (حتى عتق) العبد فيمضي تبرعه إذا لم يستثن سيده ماله حين العتق.

(ومدين) تبرع بشيء أو باع شيئاً ولم يعلم غريمه الذي أحاط دينه بذلك (ثم وفى) دينه الذي لغريمه، فتبرعه ماض وليس للغريم ولا لغيره بعد وفاء الدين كلام.

(وله): أي للزوج (رد الجميع): أي جميع ما تبرعت به (إن تبرعت) زوجته (بزائد) على الثلث، لا إن تبرعت بالثلث فدون: أي وله رد ما زاد فقط أو بعضه وله إمضاء الجميع وهذا في غير عتق عبد يزيد على الثلث فليس له إلا رد الجميع أو إمضاؤه دون بعضه، إذ لو جاز له رد البعض لقوم عليها الباقي ويعتق عليها؛ فرده البعض يؤدي إلى عدمه، وأما الوارث فليس له إلا رد ما زاد أو بعضه لا الجميع ولا رد شيء من الثلث. (و) إذا تبرعت بالثلث ولزم (ليس لها تبرع بعد) ذلك (الثلث، إلا أن يبعد) الزمن بعد التبرع به (كنصف سنة) فأكثر، فلها التبرع من الثلثين الباقيين؛ كأن البعد صيره مالاً برأسه لم يتقدم فيه تبرع. (وإلا) يبعد فليس لها وحينئذ (فله الرد) إن تبرعت، والله أعلم.

(باب)

في أحكام الصلح وأقسامه

قال ابن عرفة: الصلح انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه اهـ وهو على ثلاثة أقسام: بيع، وإجارة وهبة. لأن المصالح به إن كان ذاتاً فبيع، وإن كان منفعة فإجارة، وإن كان ببعض المدعى به فهبة. وهذه الأقسام الثلاثة تجري في الصلح عن إقرار وعلى الإقرار وعلى السكوت. وإلى ذلك أشار بقوله: (الصلح جائز عن إقرار وإنكار وسكوت؛ إن لم يؤد إلى حرام): فإن أدى إليه حرم روى الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً». (وهو): أي الصلح - (على غير المدعى به - بيع) للمدعى به (إن لم يكن) الصلح بمعنى المصالح به (منفعة): فيشترط فيه شروط البيع وانتفاء موانعه؛ من كونه طاهراً معلوماً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه ليس طعام معاوضة إلى غير ذلك مما تقدم؛ كما لو ادعى عليه بعرض أو حيوان أو بدنانير أو دراهم فأقر المدعى عليه أو أنكر أو سكت ثم صالح بشيء مخالف للمدعى به نقداً، فيشترط في المأخوذ ما تقدم، وأن لا يلزم فسخ الدين في الدين

ــ

والسيد فافهم.

قوله: [فيمضي إن لم يعلم الزوج] إلخ: قصد بهذه العبارة بيان حكم تبرع الزوجة بزائد الثلث وتبرع العبد مطلقاً وتبرع المدين ولم يحصل في الجميع رد ولا إجازة، فهذا غير ما أفاده ابن غازي في النظم، لأن ذاك فيما إذا حصل رد بالفعل وأما ما هنا ففيما إذا لم يحصل رد ولا عدمه كما علمت.

قوله: [كعبد تبرع] إلخ: تشبيه في المعنى لا بقيد كونه ثلثاً أو غيره.

قوله: [يؤدي إلى عدمه]: أي وما أدى ثبوته إلى رفعه انتفى لأن فيه الدور الحكمي وهو باطل.

قوله: [وأما الوارث فليس له إلا رد ما زاد] إلخ: الفرق بين المرأة والمريض أن المرأة قادرة على إنشاء ما أبطله الزوج بعد مدة بخلاف المريض.

خاتمة: علامات البلوغ خمس: ثلاث مشتركة واثنتان مختصتان بالأنثى. فالمشتركة: نبات العانة، أو بلوغ السن ثماني عشرة سنة، وإن في حق الله تعالى كالصوم على الأرجح. وصدق في إثباته وعدمه إن لم يرتب في شأنه، والحلم أي الإنزال مطلقاً في نوم أو يقظة والمختصان بالأنثى: الحيض والحمل.

[باب في أحكام الصلح؛ أي: مسائله]

لما أنهى الكلام على ما أراد من أسباب الحجر شرع في الكلام على شيء من مسائل الصلح، لأنه قطع المنازعة؛ فهو نوع من أنواع البيع. وهو من حيث ذاته مندوب.

قوله: [وأقسامه]: أي الثلاثة الآتية.

قوله: [قال ابن عرفة الصلح] إلخ: تعقبه (ر) بقوله: لا نسلم أن الصلح هو الانتقال بل هو المعاوضة والانتقال معلول له كالانتقال في البيع فإنه معلول له ومفرع عليه. ويدخل في قوله: "انتقال عن حق الصلح عن الإقرار" وقوله: " أو دعوى " يدخل فيه صلح الإنكار وقوله: " بعوض " متعلق بانتقال يخرج به الانتقال بغير عوض، فلا يقال له صلح وقوله: " لرفع نزاع أو خوف وقوعه " راجع لكل من الطرفين اللذين هما قوله انتقال عن حق أو دعوى المشار لهما بصلح الإقرار والإنكار فإن قلت: السكوت إذا وقع الصلح فيه خارج من التعريف. قلت: قالوا حكمه حكم الإقرار - تأمل.

قوله: [وهو]: أي الصلح من حيث هو.

قوله: [عن إقرار]: المناسب على إقرار.

وقوله: [وعلى الإقرار]: الصواب: وعلى الإنكار. أما جريانها في الإقرار فظاهر، وأما في الإنكار فبالنظر للمدعى به والمصالح به وأما في السكوت فلأنه راجع لأحدهما أي الإقرار والإنكار؛ لأن المدعى عليه في الواقع إما مقر أو منكر، وإن كان يعامل على المعتمد معاملة المقر.

قوله: «حرم حلالاً أو أحل حراماً»: مثال الأول: كما لو شرط عليه في عقد الصلح أن يعطيه جارية مثلاً ولا يطؤها أو لا يبيعها، ومثال الثاني: ما لو طالبه بدين له شرعاً فاصطلح معه على صرف مؤخر أو على ما فيه فسخ دين في دين أو على بيع طعام قبل قبضه. فالمراد بتحليل الحرام انتهاك حرمته وإجراؤه مجرى الحلال، هذا هو الذي يظهر.

قوله: [بيع]: أي لذات المدعى به إن كان المعوض عنه ذاتاً سواء كان المدعى به معيناً أم لا.

قوله: [فيشترط في المأخوذ ما تقدم]: أي الذي هو شروط البيع.

قوله: [وألا يلزم فسخ الدين في الدين]:

<<  <  ج: ص:  >  >>