للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي بالمقام معه بلا وطء بعد أن حل أجل الإيلاء، ثم رجعت عن ذلك الرضا وطلبت الفراق أو الفيئة فلها ذلك، (بلا استئناف أجل) آخر غير الأول ولا يلزمها الرضا به أولاً لأن هذا أمر لا صبر للنساء عليه.

(وتصح رجعته) أي المولي بعد أن طلق عليه ما دامت في العدة، (إن انحل) الإيلاء عنه بوطئها في العدة أو بتكفير ما يكفر في العدة، كما لو كانت اليمين بالله أو بتعجيل مقتضى الحنث في العدة، كعتق المعين وطلاق بائن وشبه ذلك.

(وإلا) ينحل الإيلاء بوجه مما ذكر حتى انقضت العدة بوضع أو رؤية الحيضة الثالثة، (لغت): أي: بطلت رجعته الصادرة منه في العدة وحلت للأزواج.

[باب في الظهار]

المشار إليه بقوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا} [المجادلة: ٣] إلخ.

وبين حقيقته بقوله: (الظهار تشبيه المسلم) زوجاً أو سيداً فلا ظهار لكافر، ولو أسلم (المكلف) خرج الصبي والمجنون والمكره (من تحل) معمول تشبيه المضاف [١] لفاعله (من زوجة أو أمة): بيان [٢] لمن تحل؛ ومراده بالتشبيه:

ــ

عليه حالاً.

قوله: [أي بالمقام معه بلا وطء]: أي حيث أسقطت حقها من الفيئة إسقاطاً مطلقاً غير مقيد بزمن، ثم رجعت عن ذلك الرضا وطلبت القيام بالفيئة فلها أن توقفه في أي وقت من غير ضرب أجل، ومن غير تلوم، فإما فاء وإما طلق، وأما لو أسقطت حقها إسقاطاً مقيداً بمدة، بأن قالت بعد الأجل أقيم معه سنة لعله أن يفئ فليس لها العود إلا بعد تلك المدة.

قوله: [وشبه ذلك]: أي كصوم معين حضر وقته أو حج معين حضر وقته.

تتمة: إن أبى الفيئة في قوله لزوجتيه: إن وطئت إحداكما فالأخرى طالق، طلق الحاكم عليه إحداهما بالقرعة على ما ذهب إليه صاحب التوضيح، ويجبر على طلاق أيتهما أحب عند ابن عبد السلام، والمذهب ما استظهره ابن عرفة من أنه مول منهما، فإن رفعته واحدة منهما أو هما ضرب له الأجل من يوم اليمين، ثم إن فاء في واحدة منهما طلقت عليه الأخرى وإلا طلقتا معاً ما لم يرضيا بالمقام معه بلا وطء كذا في الأصل

[باب في الظهار]

لما كان الظهار شبيهاً بالإيلاء في أن كلاً منهما يمين تمنع الوطء، ويرفع ذلك الكفارة - وإن تفارقا في بعض الأحكام - ذكره عقب الإيلاء والظهار مأخوذ من الظهر، لأن الوطء: ركوب، والركوب غالباً إنما يكون على الظهر، وكان في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأة ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها، أو ظاهر فتصير لا ذات زوج ولا خلية فتنكح غيره، وكان طلاقاً في الجاهلية وأول الإسلام، حتى ظاهر أوس بن الصامت من امرأته خولة بنت ثعلبة، ونزلت سورة المجادلة حين جادلته - صلى الله عليه وسلم -، واختلفت الأحاديث في نص مجادلتها ففي بعضها: إنه أكل شبابي وفرشت له بطني فلما كبر سني ظاهر مني ولي صبية صغار، إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا، وهو - عليه الصلاة والسلام - يقول لها: اتقي الله فإنه ابن عمك، فما برحت حتى نزل قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} [المجادلة: ١] إلخ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ليعتق رقبة، قالت لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فيطعم ستين مسكيناً قالت: فما عنده من شيء يتصدق به، قال: فإني سأعينه بفرق من تمر، قالت: يا رسول الله وإني سأعينه بفرق آخر، قال: قد أحسنت فاذهبي وأطعمي ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك» والفرق بالتحريك ستة عشر رطلاً، وبالتسكين سبعمائة وعشرين رطلاً اهـ. خرشي، وهو حرام إجماعاً لأنه منكر من القول وزور حتى صرح بعضهم بأنه من الكبائر، فمن عبر عنه بالكراهة فمراده كراهة التحريم.

قوله: [زوجاً أو سيداً]: قال (ح): وهل يلزم ظهار الفضولي إذا أمضاه الزوج؟ لم أر فيه نصاً والظاهر لزومه كالطلاق اهـ. وإتيان المصنف بالوصف مذكراً مخرج للنساء، ففي المدونة إن تظاهرت امرأة من زوجها لم يلزمها شيء، لا كفارة ظهار ولا كفارة يمين، ولو جعل أمرها بيدها فقالت: أنا عليك كظهر أمي لم يلزمه ظهار كما في سماع أبي زيد، لأنه إنما جعل لها الفراق أو البقاء بلا غرم، فإن قالت: نويت به الطلاق لم يعمل بنيتها، ويبطل ما بيدها كما قال الأجهوري، خلافاً للشيخ سالم القائل إذا قالت أردت به الطلاق يكون ثلاثاً إلا أن يناكرها الزوج فيما زاد على الواحدة.

قوله: [فلا ظهار لكافر]: فلو تظاهر الكفار وتحاكموا إلينا في حال كفرهم فالظاهر أننا نطردهم ولا نحكم بينهم بحكم المسلمين، لقوله تعالى {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} [المجادلة: ٢] فالخطاب للمؤمنين.

قوله: [أو أمة]: هذا هو المشهور خلافاً لمن قال: إن الظهار لا يلزم في الإماء ولا يعكر على المشهور قوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم} [المجادلة: ٣] فإنه لا يشمل الإماء لخروجها مخرج الغالب فلا مفهوم لقوله: {من نسائهم} [المجادلة: ٣].


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (بيان).
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>