للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولسيدها) إن كانت أمة لأن له حقاً في الولد (المطالبة بعد) مضي (الأجل بالفيئة: وهي تغييب الحشفة في القبل [١]) ولما كان تغييبها قد لا يزيل البكارة في البكر وهو غير كاف قال: (وافتضاض البكر) فلا فيئة بدونه، وإن حنث في يمينه (إن حل) تغييب الحشفة أي: أن شرط الوطء الكافي أن يكون حلالاً فلا يكفي الحرام كما في الحيض والإحرام، فيطلب بالفيئة بعد زوال المانع، وإن حنث بالحرام فيلزمه الكفارة ولا تنحل الإيلاء، (ولو) كان تغييب الحشفة في القبل وافتضاض البكر (من مجنون) فإنه كاف في انحلال الإيلاء، بخلاف جنونها.

(فإن امتنع) من وطئها بعد أن طلبته هي أو سيدها (طلق عليه بلا تلوم) بعد أن يأمره الحاكم بالطلاق فيمتنع، (وإلا) يمتنع بأن وعد بالفيئة أي ولم يف (اختبر المرة فالمرة) إلى ثلاث، (فإن لم يف أمر بالطلاق) فإن طلق فواضح (وإلا) يطلق (طلق عليه وصدق) في الوطء (إن ادعاه) وخالفته (بيمين فإن نكل حلفت) أنه لم يف (وبقيت على حقها) من الطلب، فإن لم تحلف بقيت زوجة كما لو حلف، ومحل كون الفيئة مغيب الحشفة في القبل مع الافتضاض في البكر، إنما هو في غير المريض والمحبوس والغائب، ومن يمتنع وطؤها شرعاً لحيض ونفاس ونحوهما.

(وفيئة المريض والمحبوس ونحوهما) إنما تكون (بما تنحل به) الإيلاء من زوال ملك وتكفير ما يكفر، وتعجيل مقتضى الحنث (فإن لم يمكن انحلالها) بما ذكر (كطلاق فيه رجعة) وهو غير البائن (فيها) أي في المولي منها (أو في غيرها) كقوله: إن وطئتك فأنت طالق واحدة أو اثنتين، أو إن وطئتك ففلانة طالق كذلك، فلا يمكن انحلالها بطلاقها رجعياً، لأنه لو طلقها كذلك فاليمين منعقدة عليه؛ لأن الرجعية زوجة يلزمه طلاقها طلقة أخرى فلا فائدة في تعجيل الطلاق قبل الحنث، وكذا إن طلق ضرتها طلاقاً رجعياً ثم وطئها فإنه يلزمه في ضرتها طلقة ثانية، ومثل ذلك لو قال إن وطئتك فعليّ عتق رقبة غير معينة أو صدقة بدينار، فلا يمكن انحلالها بعتق رقبة أو صدقة بدينار قبل الحنث؛ إذ لو أعتق عبداً أو تصدق بدينار ثم وطئ لزمه عتق رقبة أخرى وصدقة بدينار آخر، فالفيئة في ذلك كله تكون بالوعد بالوطء إذا زال مانع المرض أو السجن أو نحوهما، لا بالوطء لتعذره بالمرض أو السجن، ولا بالطلاق الرجعي، ولا عتق غير المعين، ولا الصدقة بغير معين إذ لو فعل ذلك للزمه مرة أخرى، فلا فائدة في فعله كما تقدم، وكذا صوم غير معين أو صوم زمن معين كرجب ولم يأت زمنه، فإنه إن صام قبل مجيء زمنه ثم وطئ لزمه صومه إذا جاء زمنه، وإلى ذلك كله أشار بقوله: (و) مثل (صوم) معين (لم يأت زمنه، وعتق أو نحوه) كصدقة وصوم وحج (غير معين) راجع لعتق وما بعده، وقوله: (فالوعد) جواب الشرط أي فالفيئة في ذلك الوعد لا الوطء لتعذره، ولا الطلاق الرجعي وما بعده للزوم آخر، إن فعل كما تقدم (ولها) أي الزوجة (القيام عليه) أي على زوجها، وطلب الفيئة أو الطلاق إن لم يف (إن رضيت به) أي بزوجها،

ــ

قوله: [ولسيدها]: أي وكذا لها لأن الحق في الوطء لها وفي الولد للسيد لقول ابن عرفة الباجي عن أصبغ: فلو ترك سيدها وقفه، فهل لها وقفه؟ وسمع عيسى ابن القاسم لو تركت الأمة وقف زوجها المولي كان لسيدها وقفه اهـ. وهذا كله إذا كان يرجى منها ولد، أما إن كان لا يرجى كان لها الحق خاصة.

قوله: [وهي تغييب الحشفة]: أي كلها أو قدرها ممن لا حشفة له، وقوله "في القبل" أي في محل البكارة لا محل البول، وهل يشترط الانتشار أو لا يشترط؟ المأخوذ من كلام ابن عرفة عدم اشتراطه، قال بعض الأشياخ: ينبغي اشتراطه كالتحليل لعدم حصول مقصودها الذي هو إزالة الضرر بدونه، والظاهر الاكتفاء بالانتشار ولو داخل الفرج، وعدم الاكتفاء بتغييبها مع لف خرقة تمنع اللذة أو كمالها. قوله: [في القبل]: أي لا في الدبر ولا بين الفخذين. قوله: [وإن حنث في يمينه]: أي لأن الحنث يحصل بأدنى سبب.

قوله: [فيلزمه الكفارة ولا تنحل الإيلاء]: أي لا يلزم من حنثه ولزوم الكفارة له انحلال يمينه، لأن حل الإيلاء بالوطء شرطه أن يكون حلالاً، فإن كان الوطء حراماً حصل الحنث ولا تنحل الإيلاء، لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً فما هنا يقيد ما تقدم في قوله: "وتكفير ما يكفر".

قوله: [من مجنون]: ما ذكره من أن وطء المجنون في حال جنونه فيئة تنحل به الإيلاء هو الذي نص عليه ابن المواز، وأصبغ وابن رشد، واللخمي وعبد الحق خلافاً لابن شاس وابن الحاجب

قوله: [بخلاف جنونها]: أي فإن وطأها في حالته لغو لا تنحل به الإيلاء وإن حنث في اليمين.

قوله: [طلق عليه بلا تلوم]: أي ويجري هنا القولان السابقان في امرأة المعترض من كونه يطلق الحاكم أو يأمرها به، ثم يحكم.

قوله: [اختبر]: أي يؤخره الحاكم المرة بعد المرة ويكون اختبار المرات الثلاث في يوم واحد.

قوله: [حلفت]: أي إن كانت بالغة عاقلة، وأما إن كانت مجنونة أو صغيرة سقطت عنها اليمين وطلقت


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (قبل).

<<  <  ج: ص:  >  >>