[باب في حقيقة اللعان وأحكامه]
(اللعان): في العرف (حلف زوج) لا غيره كسيد وأجنبي (مسلم) لا كافر (مكلف) لا صبي أو مجنون على أحد أمرين أشار للأول بقوله: (على) رؤية (زنا زوجته) فلا بد من ثبوت الزوجية، ولو فسد نكاحه كما يأتي، وللثاني بقوله: (أو) على (نفي حملها منه، وحلفها): أي الزوجة ولو كتابية (على تكذيبه أربعاً) من كل منهما (بصيغة: أشهد بالله) لرأيتها تزني، أو لزنت، أو ما هذا الحمل مني، فتقول: أشهد بالله ما زنيت كما يأتي. (بحكم حاكم) يشهد القضية، وبحكم بالتفريق، أو يحد من نكل وهذا إن صح النكاح بينهما، بل (وإن فسد نكاحه) لثبوت النسب به (فيلاعن) الزوج حراً كان أو عبداً (إن قذفها) أي زوجته ولو أمة (بزنا ولو بدبر في) زمن (نكاحه، أو) زمن (عدته)، والجار والمجرور متعلق بكل من "قذفها"، و"بزنا" (وإلا) بأن قذفها قبل نكاحها أو بعده بزنا قبله أي النكاح، أو بعد خروجها من عدته ولو برؤية زنا قبله (حد) ولا لعان (إن تيقنه) أي الزنا ولو أعمى فلا يعتمد على ظن، بل لا بد من الرؤية إن كان بصيراً كالمرود في المكحلة، ويعتمد الأعمى على حس بكسر المهملة أو جس بفتح الجيم، أو بإخبار يفيده ذلك ولو من غير مقبول الشهادة شرعاً كالعبد والمرأة.
(وانتفى به) أي بلعان التيقن برؤية البصير أو بغيرها من غير (ما ولد كاملاً لستة أشهر) فأكثر، من يوم الرؤية، وتعتبر الأشهر ناقصة ولو كانت كاملة في الواقع (وإلا) بأن ولدته كاملاً لدون ستة أشهر من الرؤية كالشهر والشهرين، (لحق به) للجزم بوجوده في رحمها وقت الرؤية واللعان، إنما كان للرؤية لا لنفي الحمل (إلا لاستبراء قبلها) أي قبل رؤيته الزنا فإن استبرأها بحيضة ولم يقربها بعده
ــ
من ثلاثة خمسين، وللميتة ثلاثين سقط حظها فلا ينقله لغيرها، وكمل لكل من الثلاثة عشرة دون من ماتت، ولو أعتق ثلاثاً من الرقاب عن ثلاث من أربع ظاهر منهن ولم يعين من أعتق عنها منهن لم يطأ واحدة من الأربع حتى يخرج الكفارة الرابعة، ولو ماتت واحدة منهن أو أكثر أو طلقت قبل إخراج الرابعة لعدم تعيين من أعتق عنها، فلو عين من أعتق عنها جاز وطؤها اهـ. من الأصل.
[باب في حقيقة اللعان وأحكامه]
لما كان ينشأ عن اللعان تحريم الملاعنة مؤبداً كما ينشأ عن الظهار معلقاً ناسب وصله به. قوله: [في العرف]: أي وأما لغة فهو الإبعاد، يقال لعنه الله أي أبعده، وكانت العرب تطرد الشرير المتمرد لئلا تؤخذ بجرائره وتسميه لعيناً، واشتق من اللعنة في خامسة الرجل، ولم يسم غضباً بخامسة المرأة تغليباً للذكر، ولسبق لعانه وكونه سبباً في لعانها، ومن جانبه أقوى من جانبها لأنه قادر على الائتلاف دونها.
قوله: [حلف زوج]: سواء كان حراً أو عبداً دخل بالزوجة أم لا.
قوله: [لا غيره]: أي فلا يمكن من الحلف عند الرمي بالزنا غير الزوج، وإنما يلزمه حد القذف إن قذف عفيفة ولم يثبت، وستأتي شروط حد القذف في بابه، ويرد على قوله "لا غيره" ما وقع لأبي عمران أن اللعان يكون في شبهة النكاح وإن لم تثبت الزوجية، إلا أن يقال لما كان الولد لاحقاً به ودرئ الحد عنه، كان في حكم الزوج كذا في الخرشي
قوله: [لا كافر]: أي فلا نتعرض له في قذفه لزوجته ما لم يترافعا إلينا.
قوله: [لا صبي أو مجنون]: أي فلا يعتد برميهما لزوجتيهما.
قوله: [على رؤية زنا زوجته]: أي رؤية الفعل الدال على ذلك، لأن الزنا معنى من المعاني وهو لا يرى، واللعان في الرؤية يتأتى ولو من المجبوب، بخلاف نفي الحمل فلا يكون من المجبوب كما يأتي، لأنه منفي بغير لعان ومثله. الخصي مقطوع الأنثيين وسيأتي ما فيه.
قوله: [فلا بد من ثبوت الزوجية]: أي حقيقة أو حكماً ليشمل مسألة أبي عمران.
قوله: [بل وإن فسد نكاحه]: أي ولو كان مجمعاً على فساده، ولكن درأ الحد كما إذا عقد على أخته غير عالم بأنها أخته.
قوله: [متعلق بكل]: أي تنازعه كل منهما فأعمل الأخير، وأضمر في الأول وحذف لكونه فضلة.
قوله: [حد]: أي ولا يمنعه كونها زوجة حال إقامة الحد، ومحل ذلك ما لم يقم بينة.
قوله: [بل لا بد من الرؤية] إلخ: أي وإن لم يصفها كالبينة هذا هو المشهور، وقيل لا يلاعن إلا إذا وصف الرؤية، بأن يقول كالمرود في المكحلة، وقد ذكر ابن عرفة الطريقتين وصدر بعدم الاشتراط، وعبر عنه الأبي بالمشهور فما قاله شارحنا مرور على الطريقة الأولى، ومقتضى اشتراط الرؤية في البصير إن تحققه بجس أو حس من غير رؤية لا يكفي وهو المعول عليه، وما في الخرشي و (عب) من نسبة الكفاية للمدونة لا يسلم كذا في (بن).
قوله: [وتعتبر الأشهر ناقصة]: أي فيعتبر ستة أشهر إلا خمسة أيام، وإن كاملة في الواقع، لأنه لا يتوالى النقص في الستة.
قوله: [كالشهر والشهرين]: أي والأربعة والخمسة والستة إلا ستة أيام، وإنما جعل نقص الستة أيام ملحقاً بما دون أمد الحمل لأنه لا يتوالى أربعة أشهر على النقص، فغاية ما يتوالى ثلاثة ناقصة ويحسب شهران ناقصان بعد الرابع، فيكون أقل أمد الحمل ستة أشهر إلا خمسة أيام لعدم تأتي النقص