(حلف) أن دينه عشرون (وأخذه) في دينه لثبوته حينئذ بشاهد ويمين (إن لم يفتكه الراهن)
من يد مرتهنه (بما حلف عليه) المرتهن من العشرين، فإن افتكه بالعشرين أخذ رهنه (و) إن شهد (للراهن) بأن كانت قيمته عشرة كدعوى الراهن (فكذلك): أي يحلف معه أن الدين عشرة وأخذه (وغرم ما أقر به) للمرتهن وهو العشرة في المثال فإن نكل الراهن حلف المرتهن وأخذه ما لم يفتكه الراهن كما تقدم (وإلا) يشهد لواحد منهما بأن كانت أقل من دعوى المرتهن وأكثر من دعوى الراهن؛ كأن يكون قيمته في المثال خمسة عشر (حلفا): أي يحلف كل منهما على طبق دعواه، ورد دعوى صاحبه ويبدأ المرتهن (وأخذه المرتهن) في دينه (إن لم يغرم الراهن قيمته) للمرتهن وهي الخمسة عشر؛ فإن افتكه بها أخذه. فإن نكلا معاً فكحلفهما.
(واعتبرت) قيمته (يوم الحكم) لا يوم الرهن ولا يوم قبضه هذا (إن بقي): أي إذا كان باقياً لم يتلف (وإلا) بأن تلف (فيوم الارتهان على الأرجح) عند الباجي واستظهره ابن عبد السلام، وهو نص الموطأ. وقيل: يوم قبضه المرتهن. وقيل: يوم التلف، أقوال ثلاثة ذكرها الشيخ بلا ترجيح. ثم إن الكلام في اعتبار القيمة لتكون كالشاهد لا لتضمن، وأما اعتبارها لتضمن، فيوم القبض إن لم ير بعده وإلا فمن آخر رؤية عنده، والله أعلم.
(باب)
في الفلس وأحكامه
والفلس يستعمل عندهم في العدم. والتفليس أعم وأخص.
واعلم أن لمن أحاط الدين بماله ثلاثة أحوال: الأولى قبل التفليس: وهي منعه وعدم جواز التصرف في ماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لم تجر العادة بفعله من هبة وصدقة وعتق وما أشبه ذلك، كخدمة وإقرار بدين لمن يتهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه كما نبه عليه ابن رشد.
الحالة الثانية: تفليس عام وهو قيام الغرماء عليه ولهم سجنه ومنعه حتى من البيع والشراء والأخذ والعطاء، نص عليه ابن رشد ويقبل إقراره لمن لا يتهم عليه إذا كان في مجلس واحد أو قريباً بعضه من بعض.
الحالة الثالثة: تفليس خاص وهو خلع ماله لغرمائه.
ــ
ما يقوم مقامه فهو كدين عليه بلا رهن فالقول قوله فيه لأنه غارم.
قوله: [حلف أن دينه عشرون وأخذه] إلخ: قال (بن): فرع: انظر إذا قام شاهد واحد بقدر الدين، هل يضم للرهن ويسقط اليمين على المرتهن أو لا بد من اليمين مع الشاهد؟ نقل بعضهم عن المتيطي: أنه لا يضم له وأنه لا بد من اليمين، لأن الرهن ليس شاهداً حقيقياً وهو ظاهر. اهـ.
قوله: [وإن شهد للراهن]: الظاهر أن فرع (بن) المتقدم يأتي هنا أيضاً.
قوله: [حلف المرتهن وأخذه] إلخ: الصواب وأخذ ما ادعاه وهو العشرون كما أفاده في الأصل.
قوله: [ويبدأ المرتهن]: أي لأن الرهن كالشاهد بقيمته ومن المعلوم أنه لا يبدأ بالحلف إلا من تقوى جانبه وقيمة الرهن قريبة من دعوى المرتهن فقد تقوي جانبه.
قوله: [وأخذه المرتهن في دينه]: فلو أخذه المرتهن واستحق من يده رجع على الراهن بقيمته وهي خمسة عشر لا بقدر الدين الذي كان يدعيه.
قوله: [فإن افتكه بها أخذه]: هذا قول مالك وابن نافع، خلافاً لمن قال: إذا أراد الراهن أن يفتكه فلا يفتكه إلا بما قال المرتهن حلف عليه وهو العشرون، والأول هو المعتمد.
قوله: [فإن نكلا معاً]: إلخ. فإن نكل أحدهما وحلف الآخر قضي للحالف بما ادعاه.
قوله: [فيوم الارتهان]: أي يوم عقد الرهن ولا شك أن يوم القبض قد يتأخر عن يوم الارتهان.
قوله: [وقيل يوم قبضه المرتهن]: أي لأن القيمة كالشاهد يضع خطه ويموت فيرجع لخطه فيقضى بشهادته يوم وضعها.
قوله: [وقيل يوم التلف]: أي لأن عينه كانت شاهدة وقت التلف.
[باب في الفلس وأحكامه]
لما أنهى الكلام على متعلق الرهن - وكان منه الحجر الخاص على الراهن ومنعه التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن - شرع في الكلام على الحجر العام: وهو إحاطة الدين والفلس. وهو كما قال ابن رشد: عدم المال، والتفليس: خلع الرجل من ماله لغرمائه. والمفلس: المحكوم عليه بحكم الفلس، وهو مشتق من الفلوس التي هي أحد النقود - عياض: أي أنه صار صاحب فلوس بعد أن كان ذا ذهب وفضة ثم استعمل في كل من عدم المال. يقال: أفلس الرجل بفتح الهمزة واللام فهو مفلس.
والمراد بقوله [في الفلس]: أي تعريفه وحقيقته وبأحكامه مسائله المتعلقة به.
قوله: [يستعمل عندهم في العدم]: أي في عدم المال بأن يحيط الدين بماله.
قوله: [والتفليس أعم وأخص]: فالأعم هو قيام الغرماء عليه الذي يترتب عليه خلع المال والأخص خلعه بالفعل.
قوله: [مما لم تجر العادة بفعله]: أي وأما ما جرت به العادة ككسرة لسائل وضحية ونفقة ابنه وأبيه دون سرف في الجميع فلا يمنع منه.
قوله: [ويجوز بيعه وشراؤه]: أي بغير محاباة.
وقوله: [ومنعه حتى من البيع والشراء]: أي ولو بغير محاباة.
وقوله: [والأخذ والعطاء]: كناية عن منعه من جميع التصرفات.
قوله: [ويقبل إقراره لمن لا يتهم عليه]: كالاستثناء