للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإلى الأحوال الثلاثة أشار بقوله:

(الفلس إحاطة الدين بمال المدين): فيمنعه الهبة وما في معناها لا البيع والشراء والتصرف اللازم ما لم تقم عليه الغرماء. (والتفليس الأعم: قيام ذي دين حل) أجله أو كان حالاً أصالة (على مدين) له (ليس له): أي للمدين من المال (ما يفي به): أي بالدين بأن كان ما معه أقل من الدين، وكذا إذا كان مساوياً له على ما يفيده النقل: وأما لو كان معه أكثر من الدين فليس لهم [١] منعه مما سيأتي، إلا أن يتبرع بما ينقص ماله عن الدين.

(فله منعه): أي منع من أحاط الدين بماله (من تبرعه) بهبة وصدقة وحبس وإخدام وحمالة، وكذا لا يجوز له ذلك فيما بينه وبين الله تعالى. ومن التبرع قرضه، فيمنع منه، وقوله: "ومن تبرعه" لا مفهوم له، بل لهم منعه من بيعه وشرائه وأخذه وعطائه، لأن التفليس الأعم مانع من ذلك كما نص عليه ابن رشد كما تقدم - خلافاً لظاهر ابن عرفة - بخلاف مجرد الإحاطة بلا قيام فلا تمنع المعاوضات بالبيع والشراء هذا هو النقل. (و) منعه (من إعطاء كل ما بيده) من المال (لبعض) من الغرماء دون بعض (أو) إعطاء (بعضه): أي بعض ما بيده (قبل) حلول (الأجل)، وكذا بعده إن كان الباقي لا يصلح للمعاملة. (و) منعه من (إقراره لمتهم عليه): من ولد ونحوه وزوجة يميل لها وصديق ملاطف. ويرد إقراره بذلك بخلاف غير المتهم عليه فإنه جائز.

(و) من (تزوجه أكثر من) زوجة (واحدة) وأما الواحدة فلا يمنع منها إن كانت من نسائه وأصدقها صداق مثلها، فلو كان متزوجاً فيمنع من إحداث أخرى (و) منعه من (حجة الصرورة): لأن ماله الآن للغرماء فحج التطوع أولى بالمنع. (و) منع من (سفر) لتجارة أو غيرها إن حل دينه أو كان يحل بغيبته. وهذا يجري حتى في غير من أحاط الدين بماله حيث لم يوكل من يوفي عنه دينه. (لا رهن) في دين استحدثه من بيع أو قرض وهو صحيح فلا يمنع منه، وأما المريض فيمنع من الرهن على خلاف فيه ذكره الحطاب، بخلاف المريض غير المدين فيجوز قطعاً إذ لا حجر عليه في معاملاته. (و) لا يمنع من (نفقة عبد [٢] وأضحية بالمعروف) فيهما دون السرف، فيمنع منه. وهذا ظاهر فيمن أحاط الدين به دون قيام الغرماء. عليه فإن قاموا فلهم منعه حتى من البيع والشراء كما تقدم عن ابن رشد

ــ

مما قبله الذي هو عموم المنع.

قوله: [وإلى الأحوال الثلاثة] إلخ: لكن تسميته في الحالة الأولى مفلساً باعتبار التهيؤ والصلاحية لا بالفعل.

قوله: [إحاطة الدين بمال المدين]: أي بأن زاد الدين على مال المدين أو ساواه.

قوله: [ذي دين حل] إلخ: مفهومه أن صاحب الدين المؤجل لا يمنع الغريم من التبرع، وهو موافق لما في التتائي نقلاً عن شيخه السنهوري، وكلام ابن عرفة يفيده.

قوله [إلا أن يتبرع بما ينقص ماله عن الدين]: أي كما إذا كان يملك مائة وعليه خمسون فلا يجوز له التبرع بستين.

قوله: [من تبرعه]: متعلق بمنع.

قوله: [وحمالة]: أي ضمان لأنها من ناحية الصدقة.

قوله: [ومن التبرع قرضه]: أي ولو لغير عديم خلافاً لتقييده في الأصل بالعديم.

قوله: [فلا تمنع المعاوضات بالبيع والشراء]: أي بغير محاباة.

قوله: [من إعطاء كل ما بيده من المال لبعض]: فإن وقع وأعطى جميع ما بيده لبعض الغرماء كان لغيره رد الجميع على الظاهر ولا يبقى البعض الجائز الذي يسوغ إعطاؤه له من باب قولهم الصفقة إذا جمعت حلالاً وحراماً فسدت كلها ولا فرق في إعطاء الكل بين كون الإعطاء قبل الأجل أو بعده.

قوله: [قبل حلول الأجل]: أي لأن من عجل ما أجل عد مسلفاً وتقدم أنه يمنع من السلف.

قوله: [بخلاف غير المتهم عليه فإنه جائز]: الراجح أنه لا فرق بين المفلس ومن أحاط الدين بماله من أن إقرار كل لمن لا يتهم عليه إنما يمضي إذا كان دين الغرماء ثابتاً بالإقرار لا بالبينة كما أن إقرار كل لمن يتهم عليه لا يمضي سواء كان دين الغرماء ثابتاً بالإقرار أو البينة.

قوله: [فيمنع من إحداث أخرى]: أي إن كانت التي في عصمته تعفه.

قوله: [وأصدقها صداق مثلها]: فإن أصدقها أكثر فلغرمائه الزائد يرجعون عليها به وكان ذلك الزائد ديناً لها عليه.

قوله: [فحج التطوع أولى بالمنع]: فيه رد على ابن رشد حيث تردد في تزويجه أربعاً وفي حجة التطوع.

قوله: [ومنع من سفر لتجارة]: أي حيث كان موسراً، فشروط منعه ثلاثة: حلول الدين بغيبته، وإيساره به ولم يوكل في قضائه.

قوله: [لا رهن في دين]: أي لا يمنع من دفع رهن بشروط ستة: إن كان المرهون بعض ماله، في معاملة حدثت، اشترط فيها الرهن، لمن لا يتهم عليه والرهن صحيح، وأصاب وجه الرهن بألا يرهن كثيراً في قليل - أفاده الأصل تبعاً لـ (عب) قال (بن): لم أر من ذكر هذه الشروط وظاهر المدونة وابن عرفة والتوضيح وغيرهم أن الجواز مطلق، ولذلك لم يعرج شارحنا على تلك الشروط.

قوله: [غير المدين]: أي غير من أحاط الدين بماله.

قوله: [في معاملاته]: أي ولا في تبرعاته من الثلث.

قوله: [وهذا ظاهر]: إلخ اسم الإشارة عائد على تصرفاته التي لا يمنع منها كان بمعاوضة كبيعه وشرائه ورهنه أو بغير معاوضة كتزوجه واحدة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (له).
[٢] في ط المعارف: (عيد)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>