للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي قصته مع ولده، فإن تلفظ بالهدي: كعلي هدي فلان أو ابني أو نوى الهدي أو ذكر مقام إبراهيم عليه السلام (فهدي) يلزمه.

(ولا) يلزم نذر (الحفاء أو الحبو) كأن يقول: لله علي المشي إلى مكة حافياً أو حبواً (بل يمشي) إليها (منتعلاً وندب) له (هدي، ولغا) بالفتح فعل لازم يتعدى بالهمزة: أي بطل قوله لله علي المسير أو الذهاب أو الركوب لمكة (إن لم يقصد) بذلك (نسكاً) حجاً أو عمرة، (فـ) يلزمه ما نواه و (يركب) جوازاً (و) لغا (مطلق المشي) إن لم يقيد بمكة ولا البيت ونحوهما لفظاً ولا نية كقوله لله علي مشي، أو إن كلمت زيداً فعلي مشي (كعلي مشي لمسجد) سماه غير الثلاثة كالأزهر، فإنه يلغى ولا يلزمه مشي لصلاة أو اعتكاف (إلا القريب جداً) بأن يكون على ثلاثة أميال فدون (فقولان) بلزوم الإتيان إليه لصلاة أو اعتكاف وعدم لزومه (أو للمدينة) فيلغي نذر المشي أو الإتيان إليها، (أو) المشي أو الإتيان إلى (أيلة) بفتح الهمزة وسكون التحتية. ويقال: إيلياء بالمد، وقد يقصر: بيت المقدس فيلغى (إن لم ينو صلاة أو صوماً) أو اعتكافاً (بمسجديهما أو يسميهما) أي المسجدين كعلي المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس، فإن نوى ذلك أو سمى المسجد لزمه الذهاب وحينئذ (فيركب) ولا يلزمه المشي لأنه مخصوص بمسجد مكة (إلا أن يكون بالأفضل) من المساجد الثلاثة، أو أمكنتها ونذر الإتيان للمفضول فلا يلزمه.

(والمدينة أفضل) من مكة ومسجدها أفضل من المسجد الحرام عند علماء المدينة، (فمكة) تليها في الفضل، واتفقوا على أن بيت المقدس مفضول بالنسبة لهما.

[باب في الجهاد وأحكامه]

ــ

وضياع المال فيما لا يعني خصوصاً لطخ الفضة على الأبواب، قال في الأصل: ولا يضر قصد زيارة ولي واستصحاب شيء من الحيوان معه ليذبح هناك للتوسعة على أنفسهم وعلى فقراء المحل من غير نذر ولا تعيين فيما يظهر ا. هـ.

قوله: [أي قصته مع ولده]: هكذا قيل، وقيل المراد بمقام إبراهيم مقام الصلاة وهو عند الحجر الذي وقف عليه في بناء البيت، وكلام المدونة يشهد لما قال الشارح.

قوله: [فهدي يلزمه]: ما قاله المصنف محله فيما إذا كان المنذور نحره حراً وأما لو كان رقيقاً فإن كان ملكه فعليه هدي، وعبد الغير داخل في مال الغير فيما تقدم، والفرق بين الحر والعبد أن الحر لا يملك فلا عوض له بخلاف القن فيخرج عوضه.

قوله: [ولغا] إلخ: إنما ألغى لأن السنة إنما وردت بالمشي.

قوله: [ولغا مطلق المشي] أي لأن المشي بانفراده لا طاعة فيه هذا هو المشهور وألزمه أشهب المشي لمكة.

قوله: [غير الثلاثة]: أي لخبر: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى».

قوله: [أي المسجدين]: أي لا البلدين وأما تسمية البلدين أو نية الصلاة في البلدين دون المسجدين فلا تلزم.

قوله: [والمدينة أفضل] لما رواه الدارقطني والطبراني من حديث رافع بن خديج: «المدينة خير من مكة»، ولما ورد في دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم كما أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني في أحب البلاد إليك»؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: «رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان، وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان». اهـ من الجامع الصغير، وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين عنه: إن مكة أفضل من المدينة؛ ومحل الخلاف المذكور في غير البقعة التي ضمت أعضاء المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأما هي فهي أفضل من جميع بقاع الأرض والسماء حتى الكعبة والعرش والكرسي واللوح والقلم والبيت المعمور، ويليها الكعبة، فالكعبة أفضل من بقية المدينة اتفاقاً، وأما المسجدان بقطع النظر عن الكعبة والقبر الشريف فمسجد المدينة وما زيد في مسجده الشريف حكم مسجده عند الجمهور خلافاً للنووي كذا في الحاشية.

خاتمة: عدم المجاورة بمكة أفضل، قال مالك: القفول أي الرجوع أفضل من الجوار، وأما المدينة فالمجاورة بها من أعظم القرب، فلذلك اختار مالك التوطن بها حتى لقي الله تعالى.

[باب في الجهاد وأحكامه]

باب: لما أنهى الكلام على النذر وكان هو أحد الأسباب الثلاثة المعينة للجهاد كما يأتي في قوله: "وتعين بتعيين الإمام وبفجء العدو" أعقبه بالكلام عليه وهو لغة: التعب والمشقة. واصطلاحاً قال ابن عرفة: قتال مسلم كافراً غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى، أو حضوره له أو دخوله أرضه. اهـ.

واعترض قوله في التعريف: لإعلاء كلمة الله تعالى بأنه يقتضي أن من قاتل للغنيمة أو لإظهار الشجاعة مثلاً لا يعد مجاهداً فلا يستحق الغنيمة حيث أظهر ذلك ولا يجوز له تناولها حيث علم من نفسه ذلك. قال في الحاشية: هذا بعيد، والظاهر بل المتعين أنه يسهم له لأنهم لم يعدوا من شروط من يسهم له كونه مقاتلاً لإعلاء كلمة الله.

وأجيب بأن هذا بالنسبة للجهاد الكامل، وإنما قال ابن عرفة لإعلاء كلمة الله إشارة إلى أنه ينبغي أن لا يكون الجهاد إلا لله لا لشيء آخر، فلا ينافي أنه يسهم له فتدبر. اهـ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>