للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج بقوله: "حياة المعطى" الوقف المؤبد، وكذا المؤقت بأجل معلوم، وخرج به الإعارة أيضاً، وقوله: "المعطى" بالفتح يقتضي أنها إذا كانت حياة المعطي بالكسر أو حياة أجنبي كزيد لا تسمى عمرى حقيقة وإن جازت، وهو كذلك؛ لأنها إنما تنصرف عند الإطلاق لحياة المعطى بالفتح فإذا قال المالك: أعمرتك داري مثلاً، حمل على عمر المعطى بالفتح فلا كلام لوارث المعطي بالكسر إذا مات وخرج بقوله: "بغير عوض" الإجارة وهي إجارة فاسدة للجهل بالأجل (كأعمرتك) أو أعمرت زيداً (أو) أعمرت (وارثك) مثلاً ولا يشترط لفظ الإعمار، بل ما دل على تمليك المنفعة: و "أو" مانعة خلو، فتجوز الجمع كأعمرتك ووارثك، فيصدق كلامه بثلاث صور:

(داري أو نحوها) مما يملكه كعبدي أو فرسي أو بعيري وأما الأمة فإن أعمرها لامرأة أو لمحرمها جاز، وإلا فلا لما فيه من إعارة الفروج (ورجعت) العمرى بمعنى الشيء المعمر إذا مات المعمر بالفتح (للمعمر) بالكسر إن كان حياً (أو وارثه يوم موته) إذا مات لا يوم المرجع فلو مات عن أخ حر مسلم وابن كافر أو رقيق فأسلم، أو تحرر ثم مات المعمر بالفتح رجعت للأخ؛ لأنه الوارث يوم موت المعمر بالكسر (وهي) أي العمرى (في الحوز كالهبة) فإن حازها المعمر بالفتح قبل حدوث مانع تمت، وإلا بطلت فيجري فيه قوله وبطلت بمانع قبل الحوز إلخ.

[(باب) في اللقطة وأحكامها]

(اللقطة) بضم اللام وفتح القاف: اسم عند الفقهاء لما يلتقط بفتح القاف والقياس لغة: أن فُعلة بضم الفاء وفتح العين يستعمل في الفاعل الذي يقع منه الفعل كثيراً؛ كضحكة وهمزة ولمزة: لكثير الضحك والهمز واللمز وأن ما يلتقط بفتح القاف يسمى لقطة بسكونها (مال) فغيره لا يسمى لقطة

ــ

من إمام أو إسقاط حق من نحو وقف بل كان تمليك منفعة ملك الغير بلا شبهة فباطل وإنما كان باطلاً؛ لأن تصرف الفضولي بغير معاوضة باطل.

قوله: [وخرج بقوله حياة المعطى] إلخ: أي فلا يقال لما ذكر عمرى.

قوله: [وخرج به الإعارة أيضاً]: أي مدة معلومة غير مقيدة بحياة المعطى بالفتح وإلا كانت عمرى لأن العمرى لا يشترط فيها لفظ مخصوص.

قوله: [وخرج بقوله بغير عوض] إلخ: إنما كانت إجارة لأنها تمليك منفعة.

قوله: [للجهل بالأجل]: أي لأن مدة حياة المعطى مجهولة.

قوله: [بل ما دل على تمليك المنفعة]: أي بغير عوض مدة حياة المعطى.

قوله: [فيصدق كلامه بثلاث صور]: إلا أنه إن أعمره ووارثه معاً لا يستحق الوارث إلا بعد موته كوقف عليك وولدك على قول مالك حيث كان الوالد أحوج. ولكن المعمول به في الوقف قول المغيرة وهو مساواة الوالد للولد ولو كان أحوج، ولعل الفرق بين العمرى لا تكون للوارث إلا بعد موت المورث وبين الوقف حيث سوي فيه بين الولد والوالد على قول المغيرة إن مدلول العمرى العمر فكأنه إنما أعمر الوارث بعد موت مورثه، وأما إذا أعمره فقط أو وارثه فقط فإن المعمر يستحق المنفعة حالاً.

قوله: [وإلا فلا]: أي بأن أعمرها لرجل أجنبي غير محرم.

قوله: [للمعمر بالكسر]: إلخ فلو حرث المعمر بالفتح أرضاً أعمرت له ومات أخذها ربها ودفع لورثته أجرة الحرث وإن شاء أسلمها لهم بحرثها تلك السنة وأخذ منهم أجرة مثلها فإن فات المعمر بالفتح وبها زرع وفات الإبان فلورثته الزرع الموجود ولا كراء عليهم؛ لأن مورثهم ذو شبهة وقت الزرع والغلة لذي الشبهة فإن لم يفت الإبان كان لهم الزرع وعليهم الأجرة.

قوله: [لأنه الوارث يوم موت المعمر]: أي فقد ملك الذات من يومه.

تتمة: لو قال حبس عليكما حياتكما وهي لآخركما فهو حبس عليهما ما داما حيين فإذا مات أحدهما رجعت للآخر ملكاً يصنع بها ما شاء، وأما لو قال حبس عليكما فقط فإنها ترجع للآخر حبساً فإذا مات الآخر رجعت مراجع الأحباس وقيل ترجع ملكاً للمحبس أو وارثه وهو الراجح، وأما الرقبى فلا تجوز حبساً ولا ملكاً كذوي دارين أو عبدين أو دار وعبد قال كل لصاحبه إن مت قبلي فهما لي وإن مت قبلك فهما لك؛ فالمراد إن مت قبلي فدارك لي مضمومة لداري، وإن مت قبلك فداري لك مضمومة لدارك، وإنما منع لما فيه من الخروج عن وجه المعروف والمخاطرة، فإن وقع ذلك واطلع عليه قبل الموت فسخ، وإن لم يطلع عليه إلا بعد الموت رجعت لوارثهما ولا ترجع مراجع الأحباس لفساد العقد كذا في الأصل، ولكن قال (شب) محل فساد العقد فيما ذكر إن وقع ما ذكر في عقد واحد، وأما من فعل بصاحبه هذا في وقت ففعل به الآخر مثله في وقت آخر من غير دخول على ذلك فهو جائز أي وتصير كالوصية، والله أعلم.

[باب في اللقطة]

أي في حقيقتها، والمراد بأحكامها مسائلها. ومناسبة هذا الباب لما قبله أن في كل فعل خير؛ لأن الواهب فعل خيراً يعود عليه ثوابه في الآخرة والملتقط فعل خيراً وهو الحفظ والتعريف يعود عليه ثوابه في الآخرة.

قوله: [اسم عند الفقهاء لما يلتقط]: أي وأما في اللغة فوجود الشيء على غير طلب

<<  <  ج: ص:  >  >>