للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و) على (كفر مستحله) لأنه من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا يرد [١] علينا أن الحنفية جوزوا للعشار أخذ ربع العشر كل عام من تجار المسلمين، لأنا نقول: كلامهم في ذلك محمول عندهم على الزكاة، ولذلك قالوا: يجوز ربع العشر لا أكثر في كل حول ما لم يدع التاجر أنه دفعه لفقير أو مسكين، فإن لم يدع ذلك وأخذه العشار حسبه رب المال من الزكاة.

وقولنا: "والإجماع" إلخ ظاهر في أخذ العشر أو أقل أو أكثر من المسلمين ظلماً كما هو الواقع الآن، والله أعلم.

(باب

المسابقة [٢]): مفاعلة: من السبق بسكون الباء مصدر سبق إذا تقدم، وبفتحها: الجعل الذي يجعل بين أهل السباق.

والأصل فيها المنع لما فيها من اللعب والقمار بكسر القاف وهي المغالبة والتحيل على أكل أموال الناس بغير الحق، ولحصول العوض والمعوض لشخص لأن السابق هو الذي قد يأخذ الجعل ولكن أجازها الشارع للتدريب على الجهاد ومنع الصائل، فلو كانت لمجرد اللهو لم تجز.

(جائزة بجعل) في أربعة أمور: (في الخيل) من الجانبين (و) في (الإبل) كذلك (وبينهما) خيل من جانب وإبل من جانب (وفي السهم) لإصابة الغرض أو بعد الرمية وبين شروط جوازها بالجعل بقوله: (إن صح بيعه): أي بيع الجعل بأن كان طاهراً معلوماً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه لا بنجس ولا بمجهول ولا خمر ولا خنزير ولا بمنهي عنه كجلد أضحية (و) إن (عين المبدأ) في المسابقة بالحيوان أو بالسهم (والغاية) التي ينتهى إليها (والمركب) أي ما يركب من خيل أو إبل كهذا الفرس وهذا البعير (و) عين (الرامي) في الرمي كزيد أو هذا الرجل (و) عين (عدد الإصابة) بمرة أو مرتين (و) عين (نوعها) أي الإصابة من خزق بخاء وزاي معجمتين: وهو ثقب الغرض من غير أن يثبت السهم فيه، وخسق بخاء معجمة وسين مهملة ساكنة وقاف: وهو ثقبه وسكون السهم فيه، وخرم بخاء معجمة وسكون الراء: وهو إصابة طرف الغرض فيخدشه (ولزمت) المسابقة (بالعقد) كالإجارة فليس لأحدهما حلها إلا برضاهما معاً.

(وأخرجه) عطف على صح أي إن صح بيعه وإن أخرجه أي الجعل (متبرع) به غير المتسابقين، (ليأخذه السابق أو أخرجه أحدهما) أي المتسابقين (فإن سبقه) أي على أنه إن سبقه (غيره أخذه) ذلك الغير (وإلا) يسبقه غيره، (فلمن حضر) ولا يرجع لربه ولا يشترط التصريح بذلك عند العقد، بل إن سكتا صح العقد وحمل على ما ذكر، بخلاف لو اشترط مخرجه أنه إن سبق عاد إليه ففاسد (لا) تصح (إن أخرجا) أي أخرج كل منهما جعلاً (ليأخذه السابق) منهما، لأنه من القمار المحض،

ــ

قوله: [وعلى كفر مستحله]: أي وعليه تحمل جملة الأحاديث الواردة في الأمر بقتل المكاس. منها: «إذا رأيتم مكاسا فاقتلوه» وما في معنى ذلك فتدبر.

قوله: [حسبه رب المال] إلخ: أي على قاعدة مذهبهم.

[باب المسابقة]

لما أنهى الكلام على أحكام الجهاد وما يتعلق به، شرع في الكلام على ما يتقوى به عليه وهو المسابقة.

قوله: [من السبق]: أي فهي لغة مشتقة من ذلك.

قوله: [وبفتحها الجعل]: أي المال الذي يوضع ويهيأ للسابق ليأخذه.

قوله: [والأصل فيها المنع]: ولذلك قال القرافي: والمسابقة مستثناة من ثلاث قواعد: القمار بكسر القاف، وتعذيب الحيوان بغير مأكلة، وحصول العوض والمعوض لشخص واحد. اهـ.

قوله: [جائزة بجعل]: أي ومن باب أولى بغيره في تلك الأمور.

قوله: [في الخيل] إلخ: أي وأما غير الخيل والإبل كالبغال والحمير فلا تجوز بالجعل، وأما بغيره فتجوز كما يأتي.

قوله: [ولا بمجهول]: أي كالذي في الجيب أو الصندوق، والحال أنه لا يعلم قدره أو جنسه، فلو وقعت المسابقة بممنوع مما ذكر فالظاهر أنه لا شيء فيها، لأنه لا ينتفع الجاعل بشيء حتى يقال عليه جعل المثل خلافاً للبدر.

قوله: [وإن عين المبدأ]: قدر الشارح إن لكونه معطوفاً على صح وهو بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان التعيين منهما بتصريح أو بعادة، والمراد بالمبدأ المحل الذي يبدأ منه من رماحة أو رمي بالسهم والمراد بالغاية المحل الذي ينتهى إليه، ولا تشترط المساواة فيهما.

قوله: [كهذا الفرس]: أي لا بد من تعيينه بالإشارة الحسية وما في معناها، بأن يقول: أسابقك على فرسي هذه أو بعيري هذا، وأنت على فرسك هذه أو بعيرك هذا، أو فرسك وفرسي وكانا معهودين بينهما، ولا يكتفي بالتعيين بالوصف كأسابقك على فرس أو بعير صفته كذا، وهذا ما يدل عليه قول ابن شاس: من شروط السبق معرفة أعيان السباق اهـ. ولا بد أن لا يقطع بسبق أحدهما الآخر وإلا لم يجز، فيشترط جهل كل واحد من المتسابقين سبق فرسه.

قوله: [وعين الرامي]: أي أنه لا بد من معرفة شخصه كزيد وعمرو، فلو وقع العقد على مسابقة شخصين من غير تعيين لم يجز.

قوله: [كالإجارة]: أي في غير المتسابقين فاندفع ما يقال إن فيه تشبيه الشيء بنفسه، لأن عقد المسابقة من الإجارة أو أنه من تشبيه الجزئي بالكلي.

قوله: [غير المتسابقين]: هذه جائزة اتفاقاً، وأما الثانية وهي إخراج أحد المتسابقين فعلى المشهور.

قوله: [ليأخذه السابق منهما]: أي ليأخذ السابق الجعل الذي أخرجه غيره مع بقاء جعله له.

قوله: [لأنه من القمار المحض]:


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يردنا).
[٢] مكررة في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>