للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(باب)

في الضمان وأحكامه وشروطه

(الضمان): أي حقيقته عرفاً؛ ويسمى: حمالة وكفالة (التزام مكلف) لا صبي ومكره ومجنون ولو أنثى (غير سفيه) فلا يصح من سفيه ويصح من رقيق بإذن سيده كما يأتي (ديناً) معمول "التزام" المضاف لفاعله كائناً (على غيره) وهذا ضمان المال. وأشار لضمان الوجه والطلب بقوله: (أو طلبه) أي المكلف المذكور (من عليه) الدين (لمن هو): أي الدين (له) سواء كان الطلب على وجه الإتيان به لرب الدين، أو مجرداً عن ذلك؛ فشمل التعريف أنواعه الثلاثة. فـ "أو" فيه للتنويع، وقول الشيخ: " شغل " إلخ هو مصدر مضاف لمفعوله، ومراده به: فعل النفس، بمعنى أن الشخص شغل نفسه بالحق: أي ألزمها إياه فهو مساو للالتزام، فاندفع اعتراض ابن عرفة - وتبعه عليه الجماعة - بأن الشغل لازم له لا نفسه؛ لأن الضمان مكتسب: أي فهو فعل للنفس. والشغل ليس بمكتسب كالملك في البيع فإنه لازم البيع لا نفسه. فالحد لا يشمل شيئاً من الضمان، أي لأنه كالتعريف بالمباين. ووجه الدفع أنه فهم أن المراد بالشغل اشتغال الذمة - ولا يسلم - بل المراد به: إلزام الذمة بالحق لأنه يقال: شغل ذمته، بكذا فاشتغلت، نعم التعبير بالالتزام أوضح. (بما يدل عليه): أي على الالتزام المذكور من صيغة لفظية: كأنا ضامن أو ضمانه علي أو غيرها كإشارة مفهمة أو كتابة.

فأركانه خمسة: ضامن، ومضمون، ومضمون له، ومضمون به، وصيغة، والمضمون به هو الدين.

(وشرط الدين: لزومه) للمضمون في الحال بل (ولو) يلزم المضمون (في المآل): أي المستقبل (كجعل) فإنه قد يئول للزوم، كما لو قال شخص لآخر: إن أتيت لي بعبدي الآبق مثلاً فلك دينار فيصح ضمان القائل، فإن أتى المخاطب بالعبد لزم الضامن الدينار إن لم يدفعه رب العبد للعامل

ــ

[باب في الضمان]

لما كان الضمان والحوالة متشابهين لما بينهما من حمالة الدين أعقبها به.

فقوله: [في الضمان]: أي تعريفه والمراد بأحكامه مسائله من جهة صحيحها وفاسدها وانفراد الضامن وتعدده وانقسامه إلى ضمان ذمة ووجه وطلب وما يتعلق بذلك. قوله: [وشروطه]: أي التي يصح بها ويلزم. قوله: [عرفاً]: أي وأما لغة: فهو الحفظ كما قاله السنوسي في حفيظته. وأصبحت وأمسيت في جوار الله الذي لا يرام ولا يضام ولا يستباح وفي ذمته وضمانه الذي لا يخفر ضمان عبده اهـ. قوله: [ويسمى حمالة وكفالة]: أي وزعامة قال تعالى: {وأنا به زعيم} [يوسف: ٧٢] أي كفيل وضامن ويسمى أذانة أيضاً من الأذن بالفتح والتحريك وهو الإعلام لأن الكفيل يعلم أن الحق قبله أو أن الأذانة بمعنى الإيجاب، لأنه أوجب الحق على نفسه ويسمى قبالة أيضاً.

قوله: [التزام مكلف] من إضافة المصدر لفاعله كما سيأتي.

قوله: [لا صبي] إلخ: أي فالواقع من الصبي والمجنون والسفيه فاسد يجب رده وليس للولي إجازته.

قوله: [ولو أنثى] مبالغة في مكلف ولا فرق بين كون المكلف مسلماً أو كافراً.

قوله: [من رقيق]: أي بالغ وأما الصبي فهو خارج بقوله مكلف.

قوله: [بإذن سيده]: أي ويلزم فإن لم يأذن صح من غير لزوم كما سيأتي.

قوله: [المضاف لفاعله]: أي الذي هو مكلف.

قوله: [وهذا ضمان المال]: أي هذا التعريف خاص بضمان المال.

قوله: [أو طلبه]: معطوف على " ديناً" ومساق الكلام هكذا التزام مكلف غير سفيه ديناً على غيره أو التزام المكلف مطالبته شخصاً عليه الدين لمن الدين له تأمل.

قوله: [على وجه الإتيان به]: أي وهو ضمان الوجه.

وقوله: [أو مجرداً عن ذلك]: أي وهو ضمان الطلب لأنه تفتيش لا غير.

قوله: [ف أو فيه للتنويع]: أي لا للشك فاندفع ما يقال: إن أو لا تدخل الحدود أي التي للشك كما علمت، واندفع ما يقال: كيف يجمع حقائق ثلاثاً في تعريف واحد وهو لا يمكن؟ قوله: [فعل النفس]: أي الذي هو الالتزام.

قوله: [فاندفع اعتراض ابن عرفة]: أي على التعريف الذي ذكره خليل، لأن أصله في كتاب ابن الحاجب تبع فيه القاضي عبد الوهاب.

قوله: [بأن الشغل]: إلخ: هذا تصوير للاعتراض.

قوله: [لازم له]: الضمير عائد على الضمان. فقوله بعد: " لأن الضمان " إظهار في محل الإضمار، والمعنى: أنه حاصل بنفس الضمان لا نفس الضمان.

قوله: [أي لأنه كالتعريف بالمباين]: أي بغير الحقيقة بل بالمسبب عنها. قوله: [ووجه الدفع] إلخ: الصواب أن يقول: ووجه الاعتراض ودفعه، لأنه ذكر في هذه العبارة وجه الاعتراض ووجه دفعه تأمل.

قوله: [بل المراد به] إلخ: أي كما أجاب بذلك ابن عاشر.

قوله: [فأركانه خمسة]: أي وقد أخذت من التعريف، فإن قوله: " التزام مكلف " هو الضامن. وقوله: "ديناً" هو المضمون به. وقوله: "من عليه" هو المضمون. وقوله: " لمن هو له " هو المضمون له. وقوله: " بما يدل عليه " هو الصيغة.

قوله: [ضامن]: وسيأتي يقول: "ولزم أهل التبرع".

وقوله: [ومضمون]: هو من عليه الدين اللازم أو الآيل إلى اللزوم الذي يمكن استيفاؤه من ضامنه.

وقوله: [ومضمون له]: أي وهو من له الدين المذكور.

وقوله: [وصيغة]: هي ما يدل على الالتزام.

قوله: [والمضمون به هو الدين]: أي اللازم أو الآيل إلى اللزوم الذي يمكن استيفاؤه من ضامنه. وصرح به دون باقي الأركان توطئة لكلام المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>