مع تقييد ما أطلقه وضده، للتسهيل) مبدلاً، حال من فاعل اقتصرت، أي حال كوني مبدلاً غير المعتمد من المختصر بالمعتمد، مع تقييد الحكم الذي أطلقه الشيخ - وحقه التقييد - ومع إطلاق ما قيده - وحقه الإطلاق. وهو معنى قولي: (وضده). وقوله: للتسهيل: علة لما ذكر من الإبدال وما معه. أي فعلت ذلك لأجل أن يسهل الأمر على الطالب المستفيد؛ لأن ذكر القول الضعيف والتقييد في محل الإطلاق - وعكسه - فيه خفاء وصعوبة على الطالب، لإيجابه اعتقاد خلاف الواقع.
(وسميته: أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك) المسالك جمع مسلك: أي محل السلوك أي الذهاب، فالمسلك الطريق المسلوك فيه. والمراد بها هنا الكتب المؤلفة في المذهب. وسماه بذلك ليطابق الاسم المسمى؛ إذ الكتب المؤلفة في المذهب لا تخلو عن صعوبة، وهذا الكتاب سهل منقح.
يقرب الأقصى بلفظ موجز ... ويبسط البذل بوعد منجز
وقوله: (لمذهب): متعلق بالمسالك. (وأسأل الله أن ينفع به كما نفع بأصله إنه علي حكيم، رؤوف رحيم) سأل الله تعالى النفع بهذا الكتاب لأنه لا يُسأل إلا الله وحده. والنفع ضد الضر. وحذف المعمول لإفادة العموم. أي ينفع به كل من قرأه أو كتبه أو حصله، كما نفع بأصله الذي هو مختصر الشيخ. واعلم أني متى أطلقت لفظ الشيخ في هذا الكتاب أو أتيت بضمير الغائب لغير مذكور فالمراد به المصنف صاحب المختصر.
[باب في بيان الطهارة]
ــ
أو لشهرته -ومعناه أن الأصل- الذي هو الشيخ خليل - إذا مشى على طريقة قال الأشياخ بضعفها، أبدلها مصنفنا بما اعتمدته الأشياخ.
قوله: [مع تقييد ما أطلقه] إلخ: كقول المختصر وسقوطها في صلاة مبطل، فهذا الإطلاق حقه التقييد بشروط تأتي، فقيده مصنفنا رضي الله عنه بتلك الشروط وقوله: [ومع إطلاق ما قيده] إلخ: كقوله في الوضوء: وإن عجز، ما لم يطل، فحقه - حيث كان العجز حقيقياً - الإطلاق، وقد أطلقه المصنف رضي الله عنه، وهكذا فلتقس.
قوله: [وسميته] إلخ: أي وضعت ذلك التركيب اسماً له؛ لأن من سنة المؤلفين تسمية أنفسهم وكتبهم لأجل الرغبة والانتفاع بها، لأن المجهول لا يرغب فيه، والضمير البارز في [سميته]: مفعول أول لسمى، و [أقرب]: مفعوله الثاني، ومادة التسمية تارة تتعدى للثاني بنفسها أو بالباء.
قوله: [والمراد بها هنا الكتب]: أي فقد شبه الكتب المؤلفة في المذهب بطرق توصل إلى مدينة مثلاً، واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية. وإضافتها للمذهب قرينة مانعة. ولك أن تجعل [في المذهب]: بمعنى الأحكام؛ استعارة بالكناية، بأن يقال: شبه مذهب مالك بمدينة يتوصل إليها بطرق عديدة، وطوى ذكر المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه - وهو المسالك - على سبيل الاستعارة بالكناية وذكر المسائل تخييل.
قوله: [يقرب الأقصى] إلخ: مقتبس من قول ابن مالك:
تقرب الأقصى بلفظ موجز ... وتبسط البذل بوعد منجز
وإسناد التقريب للكتاب: مجاز عقلي من الإسناد للسبب. والأقصى صفة لموصوف محذوف؛ أي المعنى الأبعد الذي في غاية البعد، ومن باب أولى البعيد. والموجز: المختصر، والبسط: التوسعة. والبذل: العطاء أي المعطى. والوعد: ما كان بخير ضد الوعيد. والمنجز: المبرم. وبالجملة فقد شبه كتابه بشخص كريم ذي عطايا واسعة يعد ولا يخلف. وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو البسط والبذل والوعد، فالبذل تخييل، والبسط والوعد ترشيحان.
قوله: [كما نفع بأصله]: ما مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر. والجار والمجرور صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق والتقدير: وأسأل الله النفع به نفعاً كائناً كالنفع بأصله. قوله: [إنه علي] إلخ: بكسر الهمزة على الاستئناف المضمن معنى التعليل،
والعلي: المنزه عن كل نقص. والحكيم: ذو الحكمة والصنع الذي يضع كل شيء في محله، والرؤوف: شديد الرحمة، والرحيم: ذو الرحمة. وحكمة توسله بهذه الأسماء: إفادتها أن الله منزه عن الأغراض في الأفعال والأحكام يعطي من غير علة ومن غير تهيؤ العبد للعطايا يعطي الحكم؛ وهي العلوم النافعة لشدة رأفته ورحمته. قوله: [لأنه لا يسأل إلا الله وحده]: هذا الحصر مأخوذ من قوله: [إنه علي حكيم] إلخ.
(باب):
هو في العرف معروف. وفي اللغة: فرجة في ساتر يتوصل بها من خارج إلى داخل وعكسه حقيقة في الأجسام؛ كباب الدار ومجاز في المعاني كما هنا. وفي الاصطلاح: اسم لطائفة من المسائل المشتركة في أمر.
والباب في كلام المؤلف إما مرفوع مبتدأ خبره محذوف، أو خبر لمبتدأ محذوف أو منصوب بفعل محذوف أو موقوف على حد ما قيل في الأعداد المسرودة. واعترض الإعراب الأول: بأنه يلزم عليه الابتداء بالنكرة، ويجاب: بأن المسوغ للابتداء بها هنا وقوع الخبر جاراً ومجروراً. وهو إذا وقع خبراً عن نكرة وجب تقديمه عليها ليسوغ الابتداء بها فيقدر مقدماً عليها.
قوله: [في بيان الطهارة]: بفتح الطاء، وأما بضمها فهو ما يتطهر به، وأما بكسرها فهو ما يضاف إلى الماء من صابون ونحوه.