للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(باب)

ذكر فيه أحكام الوصية وما يتعلق بها

(الوصية مندوبة) ولو لصحيح؛ لأن الموت ينزل فجأة. ويعرض لها بقية الأحكام لما فيها [١] من زيادة الزاد للميت.

(وركنها): الذي تتوقف عليه (موص: وهو الحر): فالعبد ولو بشائبة لا تصح وصيته. (المالك) للموصى به ملكاً تاماً. فمستغرق الذمة وغير المالك للموصى به لا تصح وصيتهما. وليس المراد مالك أمر نفسه بدليل ما بعده [٢].

(المميز): لا مجنون وسكران وصبي لا تمييز عندهم حال الإيصاء. وتصح من السكران المميز، ومن الحر المالك: (وإن سفيهاً وصغيراً): مميزاً لأن الحجر عليهما لحق أنفسهما فلو منعا منها لكان الحجر عليهما لحق غيرهما.

(أو) إن كان (كافراً): فتصح وصيته ما لم يوص لمسلم بنحو خمر.

(وموصى به: وهو ما ملك أو استحق؛ كولاية في قرية، غير زائد على ثلثه وموصى له: وهو ما صح تملكه) للموصى به (وإن) كان الموصى له (كمسجد) ورباط وقنطرة (وصرف) الموصى به (في مصالحه): من مرمة وحصر وزيت وما زاد على ذلك فعلى خدمته من إمام ومؤذن ونحوهم، احتاجوا أم لا. كما إذا لم يحتج المسجد لشيء مما ذكر فلهم وتصح لمن يملك - ولو في ثاني حال - كما أشار له بقوله:

ــ

البنت فيها بالولاء والميراث بالنسب مقدم على عصوبة الولاء فمحل الغلط حيث سووا بين الابن والبنت في ميراث أبيهما فتأمل.

[باب ذكر فيه حكم الوصية]

هي مشتقة من وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به كأن الموصي لما أوصى بها وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف. واختلف في الخير في قوله تعالى: {إن ترك خيراً الوصية} [البقرة: ١٨٠] فأكثر المفسرين على أنه المال الكثير وعليه فالترغيب فيها إذا كان المال كثيراً لما يأتي أنها تكره في القليل.

قوله: [الوصية مندوبة]: هي في عرف الفقهاء عقد يوجب حقاً في ثلث مال عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده، وعند الفراض خاصة بما يوجب الحق في الثلث كما يؤخذ من تعريف ابن عرفة.

قوله: [لأن الموت ينزل فجأة]: علة للمبالغة.

قوله: [ويعرض لها بقية الأحكام]: قال (شب): وأما حكمه فقسمه اللخمي وابن رشد للأحكام الخمسة فتجب عليه إذا كان ديناً أو نحوه، ويندب إليها إذا كانت بقربة في غير الواجب، وتحرم بمحرم كالنياحة ونحوها وتكره إذا كانت بمكروه أو في مال قليل وتباح إذا كانت بمباح من بيع أو شراء ونحو ذلك، ثم إن إنفاذ ما عدا المحرم مأمور به، وأما قول ابن رشد وكذلك ينقسم إنفاذها على الخمسة المذكورة، فالمراد إنفاذها قبل موت الموصي فيجب إنفاذ ما يجب منها ويحرم عليه الرجوع عنه ويندب إنفاذ ما يندب منها، فإن خالف ولم ينفذ فقد ارتكب خلاف المندوب وهو إما الكراهة أو خلاف الأولى، وإنفاذ ما يكره منها مكروه والمطلوب منه الرجوع عنه وإنفاذ ما يباح منها مباح فله فعله والرجوع عنه، وأما الوصية بعمل المولد الشريف فذكر الفاكهاني أنه مكروه والمكروه يلزم الوارث اهـ.

قوله: [لما فيها من زيادة الزاد]: علة للندب.

قوله: [فمستغرق الذمة] إلخ: اعترض بأن مستغرق الذمة من أفراد غير المالك وليس خارجاً بقيد التمام إنما خرج به العبد؛ لأن ملكه غير تام وهو قد خرج بالحرية وحينئذ فلا حاجة لقيد التمام، وقد يقال بل مستغرق الذمة مالك لما بيده وإلا لما وفيت منه ديونه وتقدم أن عتقه ماض حيث جهلت أرباب التبعات نعم يمنع من التصرف لعدم تمام الملك ولو رزق بما يفي لم يتعرض له.

قوله: [وإن سفيها]: أي سواء كان مولى عليه أو غير مولى عليه كما في (ح). قال في التوضيح: وإذا تداين للمولى عليه ثم مات لم يلزمه ذلك إلا أن يوصي به فيجوز منه ثلثه ولابن القاسم إذا باع المولى عليه ولم يرد بيعه حتى مات يلزمه بيعه، ابن زرقون وعلى هذا يلزمه الدين بعد موته فتأمله أفاده (بن). قوله: [وصغيراً]: قال في المدونة وتصح وصية ابن عشر سنين فأقل مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية ولم يكن فيه اختلاط.

قوله: [بنحو خمر]: أي من كل ما لا يصح تملكه لمسلم فإن أوصى لكافر بذلك صح لصحة تملكه ذلك وثمرة الصحة الحكم بإنفاذها إذا ترافعوا إلينا.

قوله: [وموصى به]: هذا هو الركن الثاني.

وقوله: [وهو ما ملك]: هذا بالنسبة للوصية بالأموال ويحترز به عن الوصية بملك الغير أو بما لا يملك أصلاً كالوصية بالخمر بالنسبة للمسلم.

وقوله: [واستحق كولاية]: مثال للوصية بمعنى النيابة بعد الموت.

وقوله: [في قرية]: متعلق بـ "موصى به" قيد في كل من الوصية بالمال والوصية بالنيابة.

وقوله: [غير زائد على ثلثه]: قيد في الوصية بالمال.

وقوله: [وموصى له]: هذا هو الركن الثالث.

قوله: [للموصى به]: أي إن كان الموصى به مالاً فإن كان الموصى به نيابة قيل فيه وهو ما صلح لها.

قوله: [وإن كان الموصى له كمسجد]: أي هذا إذا كان الموصى له بالمال آدمياً بل وإن كان كمسجد إلخ؛ لأنه يصلح للملك باعتبار انتفاع الآدمي به بدليل قوله "وصرف في مصالحه" إلخ.

قوله: [فلهم]: أي فيصرف جميعها لمن ذكر من أول الأمر.

قوله: [ولو في ثاني حال]: أي هذا إذا كان يصح تملكه ما أوصى له به حال الوصية بل ولو كان يصح تملك ما أوصى له به في ثاني


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فيه).
[٢] في ط المعارف: (بعد).

<<  <  ج: ص:  >  >>