للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أو من سيكون) من حمل موجود أو سيوجد فيستحقه (إن استهل) صارخاً ونحوه مما يدل على تحقق حياته؛ كرضع [١] كثير لكن لا يؤخذ من غلة الموصى به شيئاً؛ لأنه لا يملك إلا بعد وضعه حياً فهي لوارث الموصي.

(ووزع) الشيء الموصى به لمن سيكون إن ولدت أكثر من واحد (على العدد) الذكر كالأنثى عند الإطلاق، فإن نص الموصي على تفضيل عمل به؛ كما قال: (إلا لنص أو) أوصى (لميت علم) الموصي (بموته) حين الوصية (وصرف) الشيء الموصى به للميت (في) وفاء (دينه): إن كان عليه دين. (وإلا) يكن عليه دين (فلوارثه) فإن لم يكن عليه دين ولا وارث له بطلت، ولا يأخذها بيت المال. (وذمي) تصح الوصية له. ولا تمنع إن كان قريباً أو جاراً أو سبق منه معروف، وإلا منعت خلافاً لإطلاق الشراح.

(وقبول) الموصى له (المعين) الذي عينه الموصي كزيد (شرط) في وجوبها وتنفيذها حيث كان بالغاً رشيداً. ولا بد من كون القبول بعد الموت فلا ينفعه قبوله قبل موت الموصي، ولا يضره رده في حياة الموصي فله القبول بعد الموت. فإن مات المعين فلوارثه القبول، كما يقوم مقام غير الرشيد وليه. واحترز بـ "المعين": من الفقراء، فلا يشترط القبول لتعذره.

ولا يحتاج رقيق (لإذن) من سيده (فيه): أي في القبول، بل له أن يقبل ما [٢] أوصي له به بدون إذن (كإيصائه): أي السيد فهو مصدر مضاف لفاعله (بعتقه): أي عتق رقيقه، فإنه لا يحتاج في نفوذ العتق لإذن من السيد، بل يعتق بتمامه أو محمل الثلث.

(وقوم) الموصى به (بغلة حصلت): أي حدثت فيه (بعد الموت): أي بعد موت الموصي وقبل القبول: فإذا أوصى له بحائط يساوي ألفاً، وترك ألفين فزاد الحائط به بعد الموت بثمرة مائتين فللموصى له الحائط -أي الأصول- بتمامه، وله ستة وستون وثلثان؛ ثلث المائتين، بناء على أن الملك بالموت. والعبرة بيوم التنفيذ وتقدر أن الثمرة معلومة للموصي لكونه أوصى بأصلها.

(وصيغة)

ــ

حال فلا يشترط في صحة الوصية كون الموصى له ممن يصح تملكه حينها بل ولو في المستقبل قوله: [أو من سيكون]: أي فإذا قال أوصيت لمن سيكون من ولد فلان فيكون لمن يولد له سواء كان موجوداً بأن كان حملاً حين الوصية أو غير موجود أصلاً فيؤخر الموصى به للوضع على كل حال، فإذا وضع واستهل أخذ ذلك الشيء الموصى به ومثله أوصيت لمن يولد لفلان فيكون لمن يولد له لا لولد الموجود بالفعل سواء علم أن له حين الوصية ولداً أم لا.

تنبيه: إن كانت الوصية لحمل ونزل ميتاً أو انفش رجع الموصى به لورثة الموصي وإن كانت الوصية لغير موجود انتظر إلى اليأس من الولادة ثم يرد لورثة الموصي.

قوله: [فهي لوارث الموصي]: أي الغلة وهو أحد قولين والثاني أنها توقف وتدفع للموصى له إذا استهل كالموصى به، والظاهر أن هذا الخلاف مبني على الخلاف في كون الاستهلال شرطاً في الاستحقاق أو في صحة الوصية. واختلف أيضاً إذا أوصى لولد فلان ومن سيولد له وقلتم بدخول الموجود من الأحفاد ومن سيوجد هل يستبد الموجود بالغلة إلى أن يوجد غيره فيدخل معهم وبه أفتى أكثر الأئمة أو يوقف الجميع إلى أن ينقطع ولادة الأولاد وحينئذ يقسم الأصل والغلة فمن كان حياً أخذ حصته ومن مات أخذ ورثته حصته قولان للشيوخ أفاده (بن).

قوله: [على تفضيل]: هو بالضاد المعجمة أي مفاضلة بأن قال للذكر مثل حظ الأنثيين مثلاً.

قوله: [وإلا منعت]: أي مع الصحة؛ لأن الوصية للذمي صحيحة على كل حال، وأما الجواز وعدمه فشيء آخر. والحاصل أن ابن القاسم يقول بالجواز إذا كان على وجه الصلة بأن كانت لأجل قرابة ونحوها كما قال الشارح وإلا كرهت، وأجازها أشهب مطلقاً لكن قال في التوضيح وقيد ابن رشد إطلاق قول أشهب بجوازها للذمي بكونه ذا سبب من جوار أو يد سبقت له، فإن لم يكن لذلك فالوصية له محظورة إذ لا يوصي للكافر من غير سبب ويترك المسلم إلا مسلم سوء مريض الإيمان أفاده (بن) وخرج بالذمي الحربي فلا تصح له الوصية على ما قاله أصبغ وهو المعتمد خلافاً لما يقتضيه كلام عبد الوهاب من صحتها له.

قوله: [في حياة الموصي]: أي ولو كان رده حياء من الموصي كما يقع كثيراً، وأما إن ردها بعد موت الموصي فليس له قبولها بعد ذلك.

قوله: [فلوارثه القبول]: أي وسواء مات المعين قبل علمه بالوصية أو بعد علمه بها اللهم إلا أن يريد الموصي الموصى له بعينه فليس لوارثه القبول.

قوله: [بناء على أن الملك بالموت]: حاصله أن غلة الموصى به الحادثة بعد الموت وقبل القبول قيل كلها للموصي، وقيل كلها للموصى له وقيل له ثلثها فقط وهذا الأخير هو الذي اختاره المصنف، وسبب هذا الخلاف الواقع في الغلة الخلاف في أن المعتبر في تنفيذ الوصية هل هو وقت قبول المعين لها، فإذا تأخر القبول حتى حدثت الغلة بعد الموت فلا يكون شيء منها للموصى له بل كلها للموصي أو المعتبر في تنفيذها وقت الموت؛ لأن الملك للموصى له بالموت ومقتضى كون الملك له بالموت أن الغلة المذكورة كلها للموصى له أو المعتبر في تنفيذها الأمران معاً، وهما وقت القبول ووقت الموت أقوال ثلاثة فمن اعتبر في تنفيذها وقت القبول قال الغلة كلها للموصي ومن اعتبر وقت الموت قال كلها للموصى له، ومن اعتبر الأمرين أعطى للموصى له منها ثلثها وهذا هو المشهور وأعدل


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كوضع).
[٢] في ط المعارف: (من).

<<  <  ج: ص:  >  >>