ومقابله: يحل على الوجه. والمراد بالمطلق: ما خلا عن التقييد بشيء من لفظ أو قرينة.
(باب)
في بيان الشركة وأحكامها وأقسامها
وهي بكسر الشين المعجمة وسكون الراء وبفتح الأولى وكسر الثانية وفتح فسكون لغة: الاختلاط. وشرعاً، ما أشار له بقوله: (الشركة عقد مالكي مالين) ومالكي: تثنية مالك، وقوله: (فأكثر): أي أكثر من مالك كثلاثة (على التجر) متعلق بعقد (فيهما) أي في المالين (معاً): أي مع أنفسهما أي كل منهما يتاجر في المالين مع صاحبه ولو كان كل واحد في مكان منعزل عن الآخر؛ لأن ما يحصل من ربح أو خسر يكون بينهما. وخرج بذلك الوكالة والقراض من الجانبين؛ إذ كل واحد منهما يتصرف فيما بيده للآخر استقلالاً، والشركة وقع فيها العقد على أن كل واحد يتصرف فيما بيده له ولصاحبه معاً.
وهذا إشارة إلى النوع الأول من الشركة، وهو شركة التجر.
وأشار إلى النوع الثاني: وهو شركة الأبدان بقوله: (أو) عقد (على عمل): كخياطة أو حياكة (بينهما، والربح) في النوعين (بينهما) على حسب ما لكل أو عمله (بما يدل عرفاً) فلا يشترط صيغة مخصوصة بل المدار على ما يحصل به الإذن والرضا من الجانبين، وهذا التعريف قصد به تعريف الشركة المعهودة بين الناس في التعامل، لا شركة الجبر كالإرث والغنيمة وشركة المتبايعين شيئاً بينهما.
(ولزمت به): أي بما يدل عليها من صيغة لفظية أو غيرها لفظية كـ: شاركني، فيرضى الآخر بسكوت أو إشارة أو كتابة فليس لأحدهما المفاصلة قبل الخلط إلا برضاهما معاً على المشهور المعول عليه.
فأركانها ثلاثة:
العاقدان، والمعقود عليه -وهو المال- والصيغة.
ثم بين الشروط المتعلقة بها فقال:
(وصحتها): أن تقع (من أهل التصرف): وهو الحر البالغ الرشيد
ــ
فقولان كما في ابن الحاجب. وإن ادعى أنه لم يرد شيئاً فاختلف هل يحمل على المال أو الوجه؛ اختار ابن يونس وابن رشد أنه يحمل على المال، ونقل المازري أنه يحمل على الوجه، والمعتمد الأول، ولذا اقتصر عليه الشارح ويدل له قوله - عليه الصلاة والسلام - «الحميل غارم والزعيم غارم».
قوله: [ومقابله] إلخ: هو ما للمازري.
تنبيه: إن اختلفا بأن قال الضامن: شرطت الوجه أو أردته، وقال الطالب: بل المال، كان القول قول الضامن بيمين؛ لأن الطالب يدعي عمارة ذمة الأصل براءتها. وأما لو اختلفا في وقوع المضمون فيه حالاً أو مؤجلاً فالقول قول مدعي الحلول ولو كان هو الطالب اتفاقاً، بخلاف اختلافهما في حلول المؤجل، فالقول قول مدعي عدمه.
[باب في بيان الشركة]
لما أنهى الكلام على ما أراد من مسائل الضمان شرع في الكلام على الشركة لأنها تستلزم الضمان في غالب أقسامها، والمراد بالشركة: تعريفها.
قوله: [وأحكامها]: أي مسائلها المتعلقة بها.
وقوله: [وأقسامها]: أي الستة، وهي: المفاوضة، والعنان، والجبر، والعمل، والذمم، والمضاربة -وهي القراض- وذكرها مرتبة هكذا.
قوله: [وهي بكسر الشين]. . . إلخ: هذه اللغة الأولى أفصحها. قوله: [تثنية مالك]: أي فأصل "مالكي" مالكين لمالين حذفت النون للإضافة واللام للتخفيف. قوله: [أي أكثر من مالك]: صوابه أكثر من مالكين أي وأكثر من مالين إلخ فقوله كثلاثة أي كثلاثة مالكين لأموال ثلاثة. قوله: [أي كل منهما يتاجر في المالين] إلخ: أي فمصب المعية على التجر: أي فهما متحدان في التجر في المال ولو كان كل واحد في مكان منعزل عن الآخر كما قال الشارح، وليس المراد خصوص المعية في المكان. قوله: [لأن ما يحصل من ربح] إلخ: تعليل للمعنى المبالغ عليه بقوله ولو كان كل واحد " إلخ. قوله: [وخرج بذلك الوكالة والقراض]: أي بقوله معاً. وقوله: [من الجانبين]: عائد على كل من الوكالة والقراض، وأما من جانب فقد خرجا بقوله على التجر فيهما. قوله: [وهو شركة التجر]: أي في الأموال. قوله: [على عمل]: معطوف على " التجر " مسلط عليه " عقد " مع ملاحظة تجريد فاعل العقد الأول عن وصفه بالملكية للمالين بأن يزاد منه شخصان فأكثر، ويصير المعنى هكذا: أو عقد شخصين فأكثر على عمل إلخ. قوله: [بما يدل عرفاً]: حاصله أنها تلزم بكل ما دل عرفاً سواء كان قولاً فقط أو فعلاً فقط وأولى إذا اجتمعا. قوله: [لا شركة الجبر كالإرث] إلخ: أي فشركة الإرث والغنيمة وشركة المتبايعين شيئاً لا يقال لها شركة عرفاً، وإن كانت شركة لغة. وشركة الجبر الخارجة غير شركة الجبر الآتية - التي هي أحد الأقسام الستة؛ فإنها معدودة في الشركة العرفية كما يأتي. قوله: [شيئاً بينهما]: أي حصل لهما من غير تجر.
قوله: [ولزمت به] لزومها بما يدل عليها، قاله ابن يونس وعياض وهو مذهب ابن القاسم، ومذهب غيره أنها لا تلزم إلا بخلط المالين انضم لذلك صيغة أم لا. ثم إن ظاهر قوله: "ولزمت به" إلخ ولو كانت شركة زرع وهو أحد قولين. والآخر: لا تلزم إلا بالعمل المخصوص الذي هو البذر ونحوه كما يأتي. الأول لسحنون والثاني لابن القاسم.
قوله: [فأركانها ثلاثة]: أي إجمالاً، وأما تفصيلاً فخمسة: اثنان في العاقد واثنان في المعقود عليه والصيغة.
قوله: [وهو الحر] إلخ: المراد الحر حقيقة أو حكماً ليدخل