للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(باب)

في الإقرار

وهو الاعتراف بما يوجب حقاً على قائله بشرطه.

(يؤاخذ مكلف) لا صبي ومجنون ومكره (غير محجور [١]): أي في المعاملات لا سفيه حجر عليه، وكذا سكران في المعاملات فإنه محجور عليه فيها ودخل في كلامه الرقيق المأذون له في التجارة والمكاتب والسفيه المهمل على قول مالك والزوجة والسكران والرقيق غير المأذون في غير المال (و) غير (متهم): خرج المريض فيما يتهم عليه كابنه البار وزوجته التي يميل إليها والصحيح المفلس بالنسبة لما فلس فيه لا [٢] بما تجدد له في المستقبل (بإقراره): متعلق بيؤاخذ.

(لأهل) أي: لقابل للإقرار له ولو باعتبار المآل أو الحال كحمل وكمسجد وحبس يقر على نفسه بمال له يصرف في إصلاحه وبقاء عينه كأن يقول ناظر على مسجد أو حبس ترتب في ذمتي مثلاً للمسجد أو للحبس كذا، وخرج غير الأهل كالدابة والحجر (لم يكذبه) صفة لـ "أهل": أي لأهل غير مكذب للمقر في إقراره بأن قال للمقر: ليس لي عليك شيء، وكذا إذا قال: لا علم لي واستمر التكذيب فلا يؤاخذ بإقراره وإنما يعتبر التكذيب من بالغ رشيد.

ثم شرع في أمثلة من يؤاخذ بإقراره فقال: (كرقيق) ذكر أو أنثى أقر (بغير مال) كجرح أو قتل مما فيه القصاص وكذا السرقة بالنسبة للقطع فقط دون المال.

(ومريض) أقر (لملاطف، أو) أقر (بقريب) أي لقريب (لم يرث كخال، أو) أقر (لمجهول حاله) هل هو قريب أو ملاطف أو لا، فيصح إقراره لمن ذكر (إن ورثه ولد) ذكر أو أنثى. (أو) أقر (لأبعد) كعم (مع) وجود (أقرب) كولد أو أب أو أخ فيلزم الإقرار، وأما الإقرار لأجنبي غير ملاطف فيصح مطلقاً، كإقرار الصحيح.

ــ

خاتمة: هل عقد الوكالة غير لازم مطلقاً -وقعت بأجرة أو جعل أو لا- إذ هي من العقود الجائزة كالقضاء؟ أو إن وقعت بأجرة - كتوكيله على عمل معين بأجرة معلومة أو جعل - بأن يوكله على تقاضي دينه ولم يعين له قدره أو عينه، ولكن لم يعين من هو عليه فحكمهما ففي الإجارة تلزمهما بالعقد، وفي الجعالة لم تلزم الجاعل فقط بالشروع؟ تردد في ذلك أهل المذهب. ثم حيث لم تلزم إن ادعى الوكيل أن ما اشتراه لنفسه قبل قوله، والله أعلم.

[باب في الإقرار]

اعلم أن الإقرار خبر كما لابن عرفة، ولا يتوهم من إيجابه حكماً على المقر أنه إنشاء كبعت، بل هو خبر كالدعوى والشهادة. والفرق بين الثلاثة: أن الإخبار إن كان حكمه مقصوراً على قائله فهو الإقرار، وإن لم يقصر على قائله فإما أن يكون للمخبر فيه نفع وهو الدعوى أو لا يكون فيه نفع وهو الشهادة، ولما كان إقرار الوكيل يلزم الموكل إن كان مفوضاً، أو جعل له الإقرار، ناسب ذكر الإقرار عقبه.

قوله: [بشرطه]: مفرد مضاف فيعم؛ لأن المراد الشروط الآتية في قوله: " مكلف غير محجور ومتهم " إلخ.

قوله: [ومكره]: أي لأنه غير مكلف حالة الإكراه.

قوله: [حجر عليه]: هذا القيد له مفهوم باعتبار قول مالك، وأما باعتبار قول ابن القاسم فالسفيه المهمل والمحجور سواء في عدم المؤاخذة بالإقرار في المعاملات.

قوله: [والزوجة]: أي فيصح إقرارها في غير المال وفي المال لغير متهم عليه وإن زاد على ثلثها وفي ثلثها إن اتهمت. فقول الشارح في غير المال راجع للسكران والرقيق فقط.

قوله: [خرج المريض فيما يتهم عليه]: أي ذكراً أو أنثى، زوجة أو غيرها، وأما إقراره لغير متهم عليه فيصح ولو بأزيد من الثلث.

قوله: [والصحيح المفلس]: أي فلا يقبل إقراره لأحد حيث كان الدين الذي فلس فيه ثابتاً بالبينة لأنه يتهم على ضياع مال الغرماء.

قوله: [إلا بما تجدد له في المستقبل]: أي لتعلق الإقرار بذمته.

قوله: [كحمل]: مثال لما يقبل الملك باعتبار المآل كما إذا قال: إن لهذا الحمل عندي الشيء الفلاني من ميراث أبيه مثلاً، فالحمل قابل لملك ذلك باعتبار المآل.

وقوله: [وكمسجد وحبس] مثال: للقابل في المآل، لأن المسجد قابل لملك المقر به باعتبار ما يتعلق به من الإصلاح والحبس قابل لملك المقر به من حيث أخذ المستحقين له.

قوله: [كالدابة والحجر]: أي فلا يؤاخذ بإقراره لهما، بل هو باطل إلا أن يكون إقراره للحجر من أجل وضعه في كسبيل أو للدابة من حيث علفها في جهاد، وحينئذ يرجع للحبس.

قوله: [واستمر التكذيب]: أي وأما إن رجع المقر له إلى تصديق المقر فيصح الإقرار ويلزم، ما لم يرجع المقر، فإن رجع المقر في الأولى عقب تصديق المقر له فهل يلزم إقراره أو يبطل؟ قولان. وأما إنكار المقر عقب تصديق المقر له في الثانية فالإقرار صحيح ولا عبرة بإنكار المقر بعد ذلك باتفاق.

قوله: [من البالغ الرشيد]: أي وأما الصبي والسفيه فلا يعتبر تكذيبهما ما لم يرشدا ويستمرا على التكذيب.

قوله: [أقر بغير مال]: أي وأما إقراره بالمال، فباطل لأنه محجور عليه بالنسبة للمال.

قوله: [دون المال]: أي المسروق فلا يلزمه قيمته إن تلف ولا يؤخذ منه إن كان قائماً ما لم تشهد لصاحب الحق بينة.

قوله: [ومريض أقر لملاطف]: حاصله أن المريض إذا أقر إما أن يقر لوارث قريب أو بعيد، أو لقريب غير وارث أصلاً أو لصديق ملاطف أو لمجهول حاله لا يدرى هل هو قريب أو ملاطف أو أجنبي أو يقر لأجنبي


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (عليه).
[٢] في ط المعارف: (إلا).

<<  <  ج: ص:  >  >>