فالأول كذات الوليين وقوله: "اشتركا" أي: ما لم يقبضه أحدهما.
(ولك) أيها الموكل إن وكلته على أن يسلم لك في شيء (قبض سلمه) أي الوكيل (لك) جبراً على المسلم إليه ويبرأ بدفعه لك (إن ثبت ببينة) أن السلم لك ولو بشاهد ويمين، فإن لم يثبت لم يلزمه الدفع لك ولو أقر الوكيل بأن السلم لك؛ لاحتمال كذبه لأمر اقتضى ذلك.
(والقول لك إن) تصرف في مالك ببيع أو غيره وادعى الإذن في ذلك (وخالفته في الإذن) له في ذلك (بلا يمين) عليك لأن الأصل عدم الإذن وهذا ظاهر في غير المفوض (أو) وافقته في الإذن وخالفته (في صفته) بأن قلت: أذنتك في رهنه، وقال الوكيل: في بيعه، أو تصادقا على البيع وتخالفا في جنس الثمن أو حلوله (إن حلفت، وإلا) تحلف (حلف) الوكيل وكان القول له. واستثنى من ذلك قوله: (إلا أن) تدفع له ثمناً ليشتري لك به سلعة و (يشتري بالثمن) سلعة كعبد، وخالفته وقلت: أمرتك لتشتري به بعيراً مثلاً (وادعى) الوكيل (أن المشترى) بالثمن كالعبد في المثال (هو المأمور به وأشبه) في دعواه (وحلف، فالقول له) و (إلا) بأن لم يشبه في دعواه أو أشبه ولم يحلف (حلفت) وكان القول لك وغرم لك الثمن. فإن نكلت كان القول له. وفي الأصل مسائل كثيرة هنا فلتراجع فيه.
(وانعزل) الوكيل مفوضاً أولا (بموت موكله أو بعزله إن علم) الوكيل بالموت أو العزل فليس له التصرف بعد العلم بما ذكر، وإلا كان ضامناً. وما تصرف فيه قبل العلم فهو ماض على المذهب. وكذا ينعزل غير المفوض بتمام ما وكل فيه، والله أعلم.
ــ
الأول لدلالة الثاني عليه.
قوله: [فالأول كذات الوليين]: أي فيجاب بهذه الجملة على كل من الشرطين، وهذا خلاف ما في الخرشي والمجموع من تخصيص ذات الوليين بالثانية على ما اختاره الخرشي. والمجموع بين المسألتين: أن الموكل ضعف تصرفه في ماله بتوكيل غيره عليه، والوكيلان متساويان في التصرف، فاعتبر عقد السابق منهما مطلقاً انظر (عب).
قوله: [ولو أقر الوكيل] إلخ: صواب العبارة: ولو أقر المسلم إليه بأن السلم راجع لاتهامه على تفريغ ذمته، وهذا أحد قولين، والآخر: يقيل إقراره لأنه قادر على دفع التهمة بالدفع للحاكم، وأما إقرار الوكيل فلا شك أنه مغن عن البينة لأن المكلف يؤاخذ بإقراره وإن لم يكن صادقاً فيه فتأمل.
قوله: [وهذا ظاهر في غير المفوض]: أي وأما المفوض فتصرفاته ماضية إلا الطلاق والنكاح بكره وبيع دار سكناه وعبده القائم بأموره لقيام العرف، على أن تلك الأمور لا تندرج تحت عموم الوكالة وإنما يفعلها الوكيل بإذن خاص بها.
قوله: [إلا أن تدفع له ثمناً] إلخ: صورتها وكلته على شراء سلعة ودفعت له الثمن فاشترى به سلعة وزعمت أنك أمرته بشراء غيرها فالقول للوكيل مع يمينه، فإذا حلف لزمت السلعة الموكل وسواء كان الثمن المدفوع باقياً بيد البائع أو لا مما يغاب عليه أو لا خلافاً لتقييد الخرشي. و (عب) بكون الثمن مما يغاب عليه.
قوله: [فإن نكلت كان القول له]: أي للوكيل فصار قول الوكيل في ثلاث فيما إذا أشبه وحلف، أو لم يشبه ونكلت، أو أشبه ونكل ونكلت.
قوله: [وفي الأصل مسائل كثيرة هنا]: منها لو قال الوكيل: أمرتني ببيع السلعة بعشرة وقد بعتها بها وقلت: يا موكل بل بأكثر، وفات المبيع بيد المشتري بموت ونحوه؛ فإن القول قول الوكيل إن أشبهت العشرة ثمناً وحلف، وإلا فالقول قول الموكل بيمينه ويرد المبيع إن لم يفت بزوال عينه.
ومنها لو وكلته على شراء جارية من بلد كذا فبعث بها إليك فوطئت منك أو من غيرك بسببك، ثم قدم الوكيل بأخرى وقال: هذه لك والأولى وديعة، فإن لم يبين لك حين بعث الأولى وحلف على طبق دعواه أخذها وأعطاك الثانية، وإن بين أخذها بلا يمين وطئت أم لا كأن لم يبين ولم توطأ. إلا أن تفوت في جميع المسائل بكولد أو تدبير أو عتق إلا لبينة أشهدها الوكيل عند الشراء أو الإرسال أنها له فيأخذها الوكيل. ولو أعتقها الموكل أو استولدها ولزمتك يا موكل الأخرى فيما إذا لم يبين وحلف وأخذها. وما إذا قامت بينة وأخذها.
ومنها لو أمرته أن يشتري لك جارية بمائة فبعث بها إليك ووطئت عندك، ثم قدم وقال لك: أخذتها بمائة وخمسين فإن لم تفت خيرت في أخذها بما قال الوكيل إن حلف وردها، ولا شيء عليك في وطئها وإن لم يحلف فليس له إلا المائة، وإن فاتت بكولد أو تدبير فليس له إلا المائة، ولو أقام بينة على ما قال لتفريطه بعدم إعلامه حتى فاتت، وفيها لو ردت دراهمك التي دفعتها للوكيل ليسلمها لك في شيء بسبب عيب فيها كلها أو بعضها، فإن عرفها وكيلك لزمك بدلها فإذا اتهمت الوكيل فلك تحليفه. وهل اللزوم للموكل إن قبض ما وقعت فيه الوكالة أو اللزوم إن لم يقبضه؟ تأويلان في غير المفوض. وأما هو فيقبل قوله على موكله مطلقاً، وأما إن لم يعرفها الوكيل فلا يخلو إما أن يقبلها أو لا، فإن قبلها حلفت يا موكل أنك لم تعرفها من دراهمك وما أعطيته إلا جياداً في علمك وتلزم الوكيل لقبوله إياها، وإن لم يقبلها الوكيل فإنه يحلف الموكل أنه ما دفع إلا جياداً في علمه ويزيد الوكيل ولا يعلمها من دراهم موكله وبرئ كل منهما.
قوله: [بموت موكله]: أي وكذا بفلسه الأخص لانتقال الحق للغرماء.
قوله: [فهو ماض على المذهب]: أي من التأويلين، والثاني يقول لا يمضي.