للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو لربه سبق وألم [١] يسبق. وبالغ على المنع بقوله: (ولو) وقع ذلك (بمحلل): أي مع ثالث لم يخرج شيئاً إن (أمكن سبقه) لقوة فرسه على أنه إن سبق أخذ الجعلين معاً، وإن سبق أحدهما أخذهما معاً، وعلة المنع جواز رجوع الجعل لمخرجه وأولى في المنع إن قطع بعدم سبق المحلل لأنه حينئذ كالعدم وسمي محللاً مع أنه لا تحليل به نظراً لمن يرى الجواز به فهو عنده محلل حقيقة.

(وإن عرض للسهم عارض) في ذهابه عطل سيره، (أو انكسر) السهم، (أو) عرض (للفرس ضرب بوجه) مثلاً (فعاقه، أو) عرض لصاحبه (نزع سوطه) من يده فقل جري الفرس أو البعير (لم يكن مسبوقاً) لعذره بما ذكر. (بخلاف ضياعه) أي السوط، فإنه يكون بسببه مسبوقاً لتفريطه، (أو قطع لجام أو حرن الفرس) فإنه يعد مسبوقاً.

(وجازت) المسابقة (بغيره) أي بغير الجعل، بأن تكون مجاناً (مطلقاً) في الأمور الأربعة المتقدمة وغيرها كالجري على الأقدام وبالسفن والحمير والبغال، والرمي بالأحجار والجريد ونحو ذلك مما يتدرب به على قتال العدو (إن صح القصد) بأن وافق الشرع فإن لم يصح بأن كان لمجرد اللهو واللعب كما يفعله أهل الفسوق لم تجز، ولا سيما إن حصل بلعبهم الإيذاء بضرب وغيره.

(و) جاز (عند الرمي افتخار): أي ذكر المفاخر بالانتساب إلى أب أو قبيلة.

(و) جاز (رجز) أي ذكر شيء من الشعر للدلالة على الافتخار (وتسمية نفسه) كأنا فلان أو أبو فلان، (وصياح) بصوت مرتفع (كالحرب) أي كما يجوز ذلك في حال الحرب بالأولى لأنه المقيس عليه (والأحب) من ذلك كله (ذكر الله تعالى) من تسبيح وتكبير وتهليل، ونحو يا دائم يا واحد. قال الله تعالى: {واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة: ١٠].

ولما فرغ من مسائل الجهاد وما يتعلق به انتقل يتكلم على النكاح وما يتعلق به فقال:

[باب في النكاح وذكر مهمات مسائله وما يتعلق به من طلاق وظهار ولعان ونفقة وغير ذلك]

وهو باب مهم ينبغي زيادة الاعتناء به.

والأصل فيه الندب لما فيه من التناسل وبقاء النوع الإنساني، وكف النفس عن الزنا الذي هو من الموبقات ولذا قال: (ندب النكاح) وقد يجب إن خشي على نفسه الزنا، وقد يحرم إن لم يخش الزنا وأدى إلى حرام من نفقة أو إضرار أو إلى ترك واجب.

(وهو): أي النكاح

ــ

أي الخالص الذي لا رخصة فيه لخروجه عن حد الرخصة.

قوله: [وهو لربه]: أي وجعل كل لربه.

قوله: [ولو وقع ذلك بمحلل]: رد بـ "لو" على من قال بالجواز مع المحلل وهو ابن المسيب، وقال به مالك مرة. ووجهه: أنهما مع المحلل صارا كاثنين أخرج أحدهما دون الآخر.

قوله: [نظراً لمن يرى الجواز به]: أي وهو ابن المسيب ومالك كما تقدم.

قوله: [بخلاف ضياعه]: أي كما لو نسيه قبل ركوبه أو سقط من يده وهو راكب قوله: [لم يجز]: أي يحرم، وقيل: يكره، وقد حكى الزناتي قولين بالكراهة والحرمة فيمن تطوع بإخراج شيء للمتصارعين أو المتسابقين على أرجلهما أو على حماريهما أو غير ذلك مما لم يرد فيه نص السنة.

قوله: [وجاز عند الرمي افتخار]: أي بالقول كما قال الشارح أو بالفعل كما ورد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يختال في مشيته بين الصفوف، فقال إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا المكان»، أو ما في معنى ذلك.

قوله: [لأنه المقيس عليه]: أي لوروده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه يوم حنين وحيث قال: «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب».

قوله: [انتقل يتكلم على النكاح]: أي لأن النكاح من لوازمه الجهد والمشقة التي هي معنى الجهاد لغة، لخبر: «إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها صلاة ولا صوم ولا جهاد إلا السعي على العيال»، أو كما قال، وقد أسقط المصنف هنا فصل الخصائص لأن أكثر أحكامها قد انقضى بوفاته - صلى الله عليه وسلم -.

باب في النكاح

قوله: [وغير ذلك]: أي كالرجعة والإيلاء والعدة والرضاع والحضانة.

قوله: [والأصل فيه الندب]: أي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، وغير ذلك من الأحاديث والآيات الواردة في ذلك.

قوله: [لما فيه من التناسل] إلخ: بيان لحكمته.

قوله: [وقد يجب إن خشي] إلخ: أي وإن أدى إلى الإنفاق عليها من حرام أو أدى إلى عدم الإنفاق عليها. والظاهر - كما قاله الخرشي - وجوب إعلامها بذلك، ولكن اعترض بأن الخائف من الزنا مكلف بترك الزنا، لأنه في طوقه كما أنه مكلف بترك التزوج الحرام، فلا يفعل محرماً لدفع محرم فلا يصح أن يقال إذا خاف الزنا وجب النكاح، ولو أدى الإنفاق من حرام، وقد يقال إذا استحكم الأمر فالقاعدة ارتكاب أخف الضررين، ألا ترى أن المرأة إذا لم تجد ما يسد رمقها إلا بالزنا فإنه يجوز لها كما يأتي.

قوله: [أو إلى ترك واجب]: أي كتأخير الصلاة عن أوقاتها لاشتغاله بتحصيل نفقتها. وحاصل ما في المقام أن الشخص إما راغب في النكاح أو لا، والراغب إما أن يخشى العنت أو لا، فالراغب إن خشي العنت وجب عليه ولو مع إنفاق عليها من حرام، أو مع وجود مقتضى التحريم غير ذلك


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (أو لم)، ولعله الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>